248

Comentario sobre el Tafsir al-Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Géneros

وسجل على غيهم وطغيانهم وضرب لهم الأمثال وأنزل فيهم أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار وقصتهم عن آخرها معطوفة على قصة المصرين. والناس أصله أناس لقولهم إنسان وإنس وإناسي فحذفت الهمزة حذفها في لوقة وعوض عنها حرف قوله: (وسجل على غيهم وطغيانهم) أي حكم بهما حكما قطعيا حيث قال: ويمدهم في طغيانهم يعمهون [البقرة: 15] والعمه الخير والتردد وهو في البصيرة كالعمى في البصر. وقد يتوهم أن قوله: «وجهلهم» على صيغة المصدر المضاف إلى الضمير عطفا على خبثهم وكذا قوله: «واستهزأ بهم» على صيغة المصدر المضاف وهو خطأ لعدم التطويل في بيان جهلهم واستهزائهم. قوله: (وضرب لهم الأمثال) القبيحة حيث قال: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا [البقرة: 17] الخ. قوله: (وقصتهم عن آخرها) أي حال كونها ناشئة من أولها ممتدة إلى آخرها. وفي الحواشي الشريفية: ليس هذا العطف من عطف جملة على جملة لتطلب بينهما المناسبة المصححة لعطف الثانية على الأولى بل هو من قبيل عطف جمل متعددة مسوقة لغرض على مجموع جمل أخرى مسوقة لغرض آخر، فيشترط فيه التناسب بين الغرضين دون آحاد الجمل الواقعة في المجموعين. وهذا أصل عظيم في باب العطف لم يتنبه له كثيرون فأشكل عليهم الأمر في مواضع شتى. إلى هنا كلامه. وبيان تناسب الغرضين في الآية الشريفة أن الجمل الأولى المعطوف عليها كانت مسوقة لتقبيح حال الكفار المصرين على الكفر ظاهرا وباطنا وأن الجمل المعطوفة كانت مسوقة لتقبيح حال المنافقين المصرين على كفرهم أيضا، ولا خفاء في تناسب هذين الغرضين. قوله: (والناس أصله أناس لقولهم إنسان وإنس وإناسي) أي يشهد لكون أصله إناسا بالهمزة وجودها في مفرده وهو إنسان وإنسي وإنس وإنسي وفي جمعه أيضا وهو إناسي، فإن الجمع يرد الألفاظ إلى أصولها.

وقيل: الناس اسم جمع كالقوم والرهط وواحده إنسان أو لا واحد له من لفظه، ويرادف إناسي إلا أنه جمع إنسان أو أنسي. والإنس البشر واحده إنسي، وإنسي أيضا بالتحريك والجمع إناسي. وإن شئت جعلت واحده إنسانا ثم جمعته على إناسي فتكون الياء فيه عوضا عن النون.

قوله: (حذفها في لوقة) يعني أن اللوقة اسم من «ألق» لا من «لوق»، وأن أصله «ألوقة» بشهادة قوله:

وإني لمن سالمتهم لألوقة ... وإني لمن عاديتهم سم أسود

وقوله:

حديثك أشهى عندنا من ألوقة ... تعجلها طيان شهوان للطعم

Página 254