242

Comentario sobre el Tafsir al-Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Géneros

يقال: عف عن الحرام يعف عفا وعفافا وعفة أي كف عنه ولم يتعرض لما لا يحل. والمعنى اقنعوا بالقليل من الطعام تعفوا عن تناول الحرام فإن زمانكم زمن الضيق والجدب، والخميص الجائع، والمراد أن زمانكم ذو خمض كما في «عيشة راضية» أي ذات رضى. هذا إذا أمن اللبس وأما إذا لم يؤمن بأن يكون مدلول اللفظ أمرا منفصلا عن الشخص كالثوب والفرس فلا يجوز حينئذ إطلاق اللفظ المفرد وإرادة الجمع، فلا يقال:

ثوبهم وفرسهم عند إرادة الأثواب والأفراس حذرا من اللبس فإنه يجوز اشتراك جماعة في ثوب واحد وفرس واحد. قوله: (واعتبار الأصل) عطف على «الأمن » فهو وجه ثان لتوحيد السمع مع أن المراد معنى الجمع أي وعلى آذانهم. قوله: (أو على تقدير مضاف) عطف على قوله: «للأمن» بأن يكون تقدير الكلام أو بناء على أن يقدر هناك مضاف محذوف أي وعلى حواس سمعهم. فعلى هذا الوجه يكون السمع بمعنى المصدر لا بمعنى العضو.

قوله: (ولعل المراد بهما) كلمة لعل لعدم القطع بذلك لاحتمال أن يكون بمعنى المصدر ويقدر مضاف ليتأتى الختم عليه. قوله: (وبالقلب) معطوف على قوله: «بهما» وأراد بمحل العلم الجسم الصنوبري لسرعة تقلب ما فيه من الخواطر وكثيرا ما يراد به العقل بمعنى القوة العاقلة المودعة فيه، أو التعقل المتفرع على استعمالها. ويطلق أيضا على لب كل شيء وخالصه تشبيها له بقلب الإنسان في شرفه. والقلب أيضا اسم نجم من منازل القمر فسمي بذلك قلب الإنسان لإضاءته كالنجم. وأخر تفسير القلب عن تفسير السمع والبصر مع تقدم ذكره في نظم الآية الشريفة بناء على اشتهاره في المعنى المذكور، وإنما فسره المصنف رحمه الله تبعا لتفسيرهما متابعة لبعض المتأخرين. قوله: (وقد يطلق ويراد به العقل) أي التعقل فإن لفظ العقل وإن غلب استعماله في القوة العاقلة المودعة في العضو الصنوبري إلا أنه لما عطف عليه المعرفة بطريق التفسير علم أن المراد به التعقل المتفرع على استعمال تلك القوة. وفسر القلب المذكور في قوله سبحانه وتعالى: إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب [ق: 37] بالتعقل مع أن القلب في الأصل اسم للعضو المخصوص لا بنفس العضو. وتنكير قلب بهذا المعنى للتنبيه على أن مطلق التعقل أيضا لا يكفي في التذكير بل مناط التذكر والاتعاظ هو التعقل الذي ينجيه من شقاء الأبد ويسعده بالسعادة الدائمة المؤبده.

قوله: (وإنما جاز إمالتها) أي إمالة ألف أبصارهم مع أن الصاد من حروف الاستعلاء، وإمالة فتحها نحو الكسرة وإمالة الألف التي بعدها نحو الياء يستدعيان تسفل صوت الصاد وهو ينافي كونها من المستعلية التي يتصعد الصوت بها إلى الحنك الأعلى، فإن أبا عمرو

Página 248