Hashiya al-Shihab sobre Tafsir al-Baydawi

Shihab Din Khafaji d. 1069 AH
75

Hashiya al-Shihab sobre Tafsir al-Baydawi

حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي

لا المعنى المصدريّ وان كان له تعلق بذلك الكمال وهو ممنوع ثم إنه استشكل التقييد بالاختيار بقوله تعالى: ﴿عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] وأجيب بأنه حال من قوله يبعثك أو نعت لمقاما، والمعنى محمودًا فيه إليه بشفاعته أو الله لتفضله عليه بالإذن في الشفاعة على الحذف والإيصال، أو هو مما يدّعى فيه قيد الاختيار، وسيأني ما فيه، وقيل: المراد بالنعمة الإنعام مجازًا أو حقيقة لورودها بمعناه أيضًا أو المراد إنعام نعمه بتقدير مضاف. واعلم أنّ الفاضل ابن المعز قال في بعض تعليقاته إن الاختيار في اللغة كما في المحكم وغيره بمعنى الانتقاء والاصطفاء يقال خاره واختاره وتخيره فهو مختار والاسم منه الخيرة إذا ارتضاه لكونه خيرًا عنده، وأمّا كونه بمعنى الإرادة كما هنا فلم يرد في اللغة، وانما هو من اصطلاح المتكلمين، والمعنى اللغويّ أخص منه ومن لم يتفطن لهذا فسر به قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ﴾ [القصص: ٦٨] وسيأني تحقيقه في سورة القصص. قوله: (والمدح الخ) يعني أنّ الحمد يختص بالثناء على الفعل الاختياري لذوي العلم، والمدح يكون في الاختياري وغيره وفي ذوي العلم وغيرهم كما يقال مدحت اللؤلؤة على صفائها، وفي بدائع ابن القيم الفرق بينهما بأنّ الحمد يتضمن العلم بما يثني به على الكمال بخلاف المدح فهو أعم منه، ولذا لم يرد في الكتاب والسنة حمد الله فلانا كما جاء مدحه وأثنى عليه، فهو لا يحمد إلا نفسه، وردّ بأنه غير مسلم، وقد ورد ما أنكره كما في الأثر أنه ﷺ شضيّ محمدا لأن الله وملائكته حمدوه، فالصحيح أنّ الأخبار عن محاسن الغير إن أفرد بالصحبة والإجلال فحمد، والا فمدح، ولذا كان الحمد خبرا يتضمن إنشاء، والمدح خبر محض وتسمح من فسره بالرضا والمحبة وان لم يمنع حمد الله لعباده، فإن ذلك بحسب ما يضاف له فهو من الله إكراما وإلقاء لإجلاله في قلوب خلقه انتهى. وكون العلم اختياريا لحصوله باستعمال الحواس ونحوها وكذا الكرم إن كان بمعنى الإعطاء، وكذا إن كان بمعنى السخاء بناء على أن الملكات كسبية فإن كان بمعنى الشرف كما ورد إطلاقه عليه فلا يلزم كونه اختياريا إلا بتكلف، ولذا حمل هنا على الأوّلين، وما قيل من أنّ المراد بالاختياري هنا ما للاختيار مدخل في تحققه في بعض المواد وما من شأنه ذلك، ويؤيده ما ذكره المصنف ﵀ فإنّ العلم كيفية انفعالية فائضة بفضل الله وليست من الأفعال الاختيارية لنفس، وكذا الكرم فأنه غريزة مجبول عليها لا يناسب المقام لعوده على الفرق بما ينافيه فتدبر. قوله: (ولا تقول حمدته على حسنه بل مدحته) فلا يلزم أن يكون المدح اختياريا ولم يتعرض لوقوعه في الاختياري لأنه ليس محلاَ للنزاع قيل: ثبوت مدعاه من عدم الترادف متوقف على صدور ما ذكر عن البلغاء الموثوق يهم، وهو غير ظاهر مع أنّ الترداف لا يقتضي استعمال كل منهما حيث يستعمل الآخر وليس بلازم كما صرحوا به، ولا يخفى أنه ناف لا مثبت حتى يطالب بالاستعمال، وعدم وقوع أحد المترادفين موقع الآخر من غير مانع ما غير ظاهر، ولا يرد عليه الحمد الذاتي لله لأنه بمعنى استحقاقه له بجميع صفاته من غير تعيين، ولما كانت ذاته كافية في اتصافه بها جعل ذاتيًا كما ذكره الشريف وسيأتي تحقيقه إن شاء الله. قوله: (وقيل هما أخوان) هذا ردّ على الزمخشري: بناء على فهمه منه، وقد قال السعد في شرحه إنّ الشائع في كتب العلامة أنه يريد بكون اللفظين أخوين أن يكون بينهما اشتقاق كبير بأن يشتركا في الحروف الأصول من غير ترتيب أو أكبر، بأن يشتركا في أكثر الحروف مع اتحاد في المعنى، أو تناسب كما مرّ، وقال الشريف: المراد أنهما مترادفان، والترادف بعدم اعتبار قيد الاختياو فيهما أو باعتباره فيهما، وهذا هو المراد وإن ذهب بعضهم إلى الأوّل ويدلّ على ذلك أنه قال في الفائق الحمد هو المدح والوصف بالجميل، وأنه جعل ههنا نقيض المدح أعني الذمّ نقيضًا للحمد، فإن قيل نقيض المدح هو الهجو دون الذمّ قلنا المدح يطلق على الثناء الخاص، وهو الوصف بالجميل ويقابله الذمّ، وقد يخص بعدّ المآثر ويقابله الهجو أي عدّ المثالب وكلامنا في المعنى الأوّل ثم أيده بأنّ ما ذكره أوجب حمل الأخوة على الترادف وبأنه قال في الكشاف في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ﴾ [الحجرات: ٧] إنّ المدح لا يكون بفعل الغير، وتأوّل التمدح بإجمال وصباحة الوجه، فالمدح أيضًا

1 / 74