قَوْلُهُ: (وَشَرَّ الْأُمُورِ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ اسْمِ إِنَّ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَحَلِّ وَالْمُرَادُ مِنْ شَرِّ الْأُمُورِ وَإِلَّا فَبَعْضُ الْأُمُورِ السَّابِقَةِ مِثْلُ الشِّرْكِ شَرٌّ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمُحْدَثَاتِ مَا أَحَدَثَ النَّاسُ عَلَى مُقْتَضَى الْهَوَى مُطْلَقًا لَا مَا أَحْدَثُوهُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَدْخُلُ فِيهَا الْقَبَائِحُ قَوْلُهُ: (مُحْدَثَاتُهَا) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الدِّينِ مِمَّا أُحْدِثَ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (أَوْ ضَيَاعًا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْعِيَالُ وَأَصْلُهُ مَصْدَرٌ أَوْ بِكَسْرِهَا جَمْعُ ضَائِعٍ كَجِيَاعٍ جَمْعُ جَائِعٍ قَوْلُهُ: (فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَعَلَيَّ رَاجِعٌ إِلَى الدَّيْنِ وَإِلَيَّ رَاجِعٌ إِلَى الضَّيَاعِ.
٤٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ الْكَلَامُ وَالْهَدْيُ فَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدِثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ أَلَا لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ أَلَا إِنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ مَا لَيْسَ بِآتٍ أَلَا إِنَّمَا الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ أَلَا إِنَّ قِتَالَ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ لَا يَصْلُحُ بِالْجِدِّ وَلَا بِالْهَزْلِ وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ لَا يَفِي لَهُ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارَ وَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ يُقَالُ لِلصَّادِقِ صَدَقَ وَبَرَّ وَيُقَالُ لِلْكَاذِبِ كَذَبَ وَفَجَرَ أَلَا وَإِنَّ الْعَبْدَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» ــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ) ضَمِيرُهُمَا مِنْهُمْ مُفَسَّرٌ بِالْكِلَامِ وَالْهَدْيِ أَيْ إِنَّمَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ اللَّذَيْنِ وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِهِمَا اثْنَتَانِ لَا ثَالِثَ مَعَهُمَا حَتَّى يَثْقُلَ عَلَيْكُمُ الْأَمْرُ وَيَتَفَرَّقَ، وَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ نَفْيُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ النَّهْيَ عَنْ ضَمِّ الْمُحْدَثَاتِ إِلَيْهِمَا كَأَنَّهُ قِيلَ: الْمَقْصُودُ بَقَاؤُهُمَا اثْنَتَانِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُهُمَا لِمَا وَقَعَ بِهِ التَّكْلِيفُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْعَدَدِ، وَإِنَّمَا ثَنَّى نَظَرًا إِلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ ثِنْتَيْنِ فَحَصَلَ الْفَائِدَةُ فِي الْإِخْبَارِ بِاسْمِ الْعَدَدِ وَهَذَا مِثْلُ مَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ اثْنَتَانِ تَمْهِيدًا لِمَا هُوَ الْخَبَرُ وَالْخَبَرُ فِي الْوَاقِعِ مَا هُوَ الْمُبْدَلُ مِنِ اثْنَتَانِ وَهُمَا الْكَلَامُ وَالْهَدْيُ وَعَلَى الْوُجُوهِ تَأْنِيثُ اثْنَتَانِ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُمَا حُجَّتَانِ قَوْلُهُ: (الْأَمَدُ) أَيِ الْأَجَلُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْأَمَلُ وَطُولُهُ تَابِعٌ لِطُولِ الْأَجَلِ وَفِي طُولِهِمَا وَنِسْيَانُ الْمَوْتِ تَأْثِيرٌ يَتْبَعُ فِي قَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَقَوْلُهُ: فَتَقْسُوا قُلُوبُكُمْ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّهْيِ أَلَا
٤٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ الْكَلَامُ وَالْهَدْيُ فَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدِثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ أَلَا لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ أَلَا إِنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ مَا لَيْسَ بِآتٍ أَلَا إِنَّمَا الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ أَلَا إِنَّ قِتَالَ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ لَا يَصْلُحُ بِالْجِدِّ وَلَا بِالْهَزْلِ وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ لَا يَفِي لَهُ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارَ وَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ يُقَالُ لِلصَّادِقِ صَدَقَ وَبَرَّ وَيُقَالُ لِلْكَاذِبِ كَذَبَ وَفَجَرَ أَلَا وَإِنَّ الْعَبْدَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» ــ قَوْلُهُ: (إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ) ضَمِيرُهُمَا مِنْهُمْ مُفَسَّرٌ بِالْكِلَامِ وَالْهَدْيِ أَيْ إِنَّمَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ اللَّذَيْنِ وَقَعَ التَّكْلِيفُ بِهِمَا اثْنَتَانِ لَا ثَالِثَ مَعَهُمَا حَتَّى يَثْقُلَ عَلَيْكُمُ الْأَمْرُ وَيَتَفَرَّقَ، وَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ نَفْيُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ النَّهْيَ عَنْ ضَمِّ الْمُحْدَثَاتِ إِلَيْهِمَا كَأَنَّهُ قِيلَ: الْمَقْصُودُ بَقَاؤُهُمَا اثْنَتَانِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُهُمَا لِمَا وَقَعَ بِهِ التَّكْلِيفُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْعَدَدِ، وَإِنَّمَا ثَنَّى نَظَرًا إِلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ ثِنْتَيْنِ فَحَصَلَ الْفَائِدَةُ فِي الْإِخْبَارِ بِاسْمِ الْعَدَدِ وَهَذَا مِثْلُ مَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ اثْنَتَانِ تَمْهِيدًا لِمَا هُوَ الْخَبَرُ وَالْخَبَرُ فِي الْوَاقِعِ مَا هُوَ الْمُبْدَلُ مِنِ اثْنَتَانِ وَهُمَا الْكَلَامُ وَالْهَدْيُ وَعَلَى الْوُجُوهِ تَأْنِيثُ اثْنَتَانِ نَظَرًا إِلَى أَنَّهُمَا حُجَّتَانِ قَوْلُهُ: (الْأَمَدُ) أَيِ الْأَجَلُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْأَمَلُ وَطُولُهُ تَابِعٌ لِطُولِ الْأَجَلِ وَفِي طُولِهِمَا وَنِسْيَانُ الْمَوْتِ تَأْثِيرٌ يَتْبَعُ فِي قَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَقَوْلُهُ: فَتَقْسُوا قُلُوبُكُمْ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّهْيِ أَلَا
1 / 22