AUTO الحسنة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي جعل علماء الزيدية أعلاما للشريعة ونجوما يهتدي بهم المهتدون ، ويستبصر بهم المستبصرون ، ونوه بذكرهم في محكم كتابه الكريم بقوله : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون إنما يتذكر أولو الألباب } ، ورفع درجاتهم في صريح الآيات { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ، وحصر عليهم الخشية بقوله : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } ، وقرن شهادتهم بشهادته { شهد الله أنه لاإله إلا هو والملائكة وأولوا العلم } .

والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين ، أرسله الله رحمة للعالمين ، ورفع له ذكره في الأولين والآخرين ، وشرح له صدره ، ووضع عنه وزره ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، وسيد الأولين والآخرين ، سيدنا وسندنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى عترته نجوم السماء ، وأوتاد الدنيا وزينة الأرض ، ومأوى الملهوف ، المتقدم لهم مارق ، والمتأخر عنهم زاهق ، وللازم لهم لاحق ، قرناء التنزيل والثقل ، وبقايا دعوة إبراهيم الخليل ، حشرنا الله معهم .

وبعد : فإنه لما كان شهر شعبان سنة 1380ه ألف وثلثماءة وثمانين دها عامة الزيديةالأمر العظيم ، والحادث الأليم ، وهو وفات من قدس الله روحه ونور ضريحه العلآمة الشهير ، والبحر المتلآطم الغزير ، ذي العقائد الراسخة ، والمناقب الباذخة درة تاج الشيعة ، الفعم بالعلوم الربانية عز الإسلام وترجمان الأنام / محمد بن يحيى مرغم رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار .

Página 1

وكنت ملازما له في الغالب من حال التكليف إلى أن توفاه الله تعالى ، فعرفة طريقته ، وسبره سيرته ، فلم نجده إلا علما يهتدي به الأبرار ، وتستضئ بنور علمه الأقمار ، لم يجلس إليه أحد إلا بغض إليه الدنيا وحقرها وحذره نار حرها شديد ، وقعرها بعيد ، وطعام أهلها القيح والصديد ، حتى أن بعض السامعين له في الوعظ يقول : " أما إذا وعظ سيدنا العلامة محمد بن يحيى مرغم فوالله كأني أتصور الجنة والنار أمامي " لذا وجب علينا أ، نذكر بعضا من أحواله وإن كان فضله كالشمس في أفق السماء ،

والشمس إن خفيت على ذي مقلة نصف النهار فذاك محصول العمى

وإن كان موفور فضائله لاتحصى ، ومشكور سعيه لايستقصى مع أني لست من أهل هذا الشأن ، ولامن فرسان ذلك الميدان سيف ولاسنان ، ولكنه عول علينا في ذلك من لايسعنا إلا إجابته وهو الولدالسيد صفي الإسلام أحمد بن قاسم الداعي ثبته الله ، ونور بصيرته ، ورزقه معرفة علم آبائه ، لأنه لما اطلع على مصنفات والدنا العلامة بهره ماوجد وحار لبه فيما نقد ، وقال لي : " وهل يجوز إهمال مثل هذا العبقري ، وعدم التعريف به والتنويه بذكره ؟ " ، فأجبته إلى ذلك طمعا في قول رسول الله صلى اللع عليه وآله وسلم : ( من أراد أن يكرمني فليكرم أحبابي ) قيل : " من أحبابك يارسول الله ؟ " قال : ( العلماء ) ، ولما له علي من الحق الأكيد ، وأسأل الله أن يجعله لي عنده من الآثار المكتوبة لديه ، ومما يكرمني به يوم المصير إليه ، فلقد قام لطلب العلم الشريف بمدينة صعدة مع شد الحاجة والفقر كما أخبرني شفاها ، ولم يلحقه من أجله ضعف ولاوهن بل صبر لما ناله ، ورضيه في السر والعلن .

Página 2

ولما علم الله منه صدق نيته وباطن سريرته ومعاداته لهذه الدنيا الفانية أسبل الله عليه شيئا بينا من نوره وتنويره وإلهامه ورحمته ، وكان شيخه وأستاذه آنذاك مولانا السيد العلامة الحجة عن الملة الحنفية ، ووسطت عقد الأسرة العلوية محمد بن إبراهيم المؤيد الملقب حورية أسكنهما الله فسيح جنانه مع سيد المرسلين والأنزع البطين أمير المؤمنين ، فاستفاد منه علم العربية : النحو ، والصرف . والأصولين ، والفروع ، وعلم الحديث ، وعلم الباطن ، والتفسير ، فلما بلي المولى العلامة المحقق بالاعتقال والحبس انتقل لإكمال مايحتاج إليه عند علامة الزمن المشهور شرف الإسلام الحسن بن محمد سهيل رحمهما الله ، فعول عليه بعد الاجتهاد سادتي العلماء الأعلام المشار إليهم بالبنان آل الهاشمي في خروجه من صعدة وبقاه لديهم في رحبان ليدرس أولادهم وغيرهم ، وأعطوه سكنا غلى أن تمكن من عمارة منزل ، فلما تمكن وهبه أويس زمانه ، وشبيه زين العابدين في أيامه السيد إسماعيل بن عبدالله الهاشمي عرصة وذرعها بيده الشريفة ، وحث الناس على إعانته فقام لبناء ذلك البيت .

Página 3

واستمر في نشر العلم الشريف ، وأقبل إليه الطلاب من كل ناحية : من رازح ، وخولان ، وبرط ، وبلادسفيان ، وظهران اليمن ، ومن صعدة ، ورحبان الكثير ، فممن تخرج على يده من جبل برط القضاة آل العنسي القاضي العلامة محسن بن يحيى ، والقاضي العلامة عبدالله بن أحسن ، والقاضي العلامة أحسن بن محمد ، ومن جبل رازح سيدي العلامة إسماعيل بن أحمد الحوثي ، والسيد حسين بن علي الحوثي ، وسيدنا العلامة علي الشعباني ، ومن المشرق السادة الساكنين في جبل علي العمار وهم سيدي العلامة علي بن قاسم العزي وأخيه صلاح بن قاسم العزي وأخيه محمد بن قاسم العزي ، وسيدي العلامة محمد بن قاسم العزي الساكن الحمزات ، وأحسن بن محسن العزي ، ومن رحبان سيدي العلامة الحجة صلاح بن محمد الهاشمي وأخيه قاسم بن محمد الهاشمي ومن هجرة درب وادعة آل عمار سيدي المولى العلامة صلاح بن محمد نورالدين وأخيه علي بن محمد نورالدين وأخيه أحمد بن محمد نور الدين ، ومن هجرة فلله سيدي العلامة المفتي عبدالرحمن بن حسين شايم ، ومن آل الهاشمي أيضا سيدي العلامة أحسن بن أحسن الهاشمي ، وسيدي العلامة إبراهيم بن محمد الهاشمي ، وسيدي العلامة قاسم بن عبدالله الهاشمي ، وسيدي العلامة أحمد بن عبدالله الهاشمي ، والقاضي العلامة الولي عبدالرحمن بن عبدالله يعقوب ، والقاضي العلامة إبراهيم بن يحيى المتميز .

Página 4

ومن صعدة القاضي العلامة عبدالرحمن بن قاسم مشحم ، ومن خولان سيدي العلامة العابد الزاهد أحمد بن محمدالقاسمي وأخيه السيد صلاح بن محمد القاسمي ، وسيدي العلامة إبراهيم الحمران ، ومن سحار سيدي العلامة أحمد بن عبدالله الجلال ، وسيدنا العلامة حسن الشامي من ظهران اليمن ، وكذلك الحقير وأنا ولده يحيى بن محمد مرغم ، وسيدي العلامة علي بن حسين عامر ، وسيدي العلامة محمد بن علي عامر ، وسيدي العلامة عز الإسلام محمد بن عبدالله المهدي ، وسيدي العلامة عبدالوهاب علي المؤيدي الملقب حورية ، وسيدي العلامة يحيى بن محمد حورية ، وسيدي العلامة الصفي أحمد بن محمد حورية ، وكذلك سيدي العلامة علم الإسلام قاسم بن صلاح عامر ، وسيدي العلامة الولي التقي العابد الزاهد عبدالرحمن بن صلاح عامر ، وسيدي العالم عبدالله بن صلاح عامر ، وسيدي العالم عبدالعظيم الصيلمي ، ومن البوارعة سيدنا العلامة أحسن بن معاذ المعاذي ، وجم غفير يطول ذكرهم ، هؤلاء بعض العلماء الذين تخرجوا على يديه والذين تذكرتهم .

هذا وقد كان منقطعا غلى الله ، زاهدا في الدنيا ، راغبا في العبادة وتدريس العلوم ، أما مصنفاته ورسائله فهي كثيرة نذكر منها ماتحصلنا عليه فله :

- في علم الباطن :الحصن الحصين المنتزع من كلام الأنزع البطين أمير المؤمنين وسيد المسلمين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، شرح فيه بعضا من خطبه عليه السلام وشرح معانيها لغة ، وعضد كلام الإمام بأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعى عترته ، كتاب نفيس يرغب فيه من اطلع عليه .

وله رسالة في رواة الحديث سماها ( مشكاة الوضوح في تمييز العدل من المجروح ) بين الحق الذي لامرية فيه .

Página 5