Cosecha filosófica del siglo XX y otros estudios filosóficos
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
Géneros
فلو نظرنا إلى مشكلة العقل والجسم في تاريخ الفلسفة، لاتضح لنا كيف اختلفت المشكلة قبل ديكارت وبعده، ولتبين لنا أن ما نعرفه الآن على أنه حدوس أو أفكار واضحة ومتميزة لم تكن معروفة قبل اختراع ديكارت للعقل، فمنذ ذلك الحين أصبحت مشكلة الوعي هي المشكلة الأساسية في كل الفلسفات بعد ديكارت. لقد كان تأكيد ديكارت على العقل كجوهر مفكر لا يمكن الشك في وجوده، إيذانا بخلق الثنائية في تاريخ الفلسفة، كما أدى إلى صياغة مشكلة العقل والجسم صياغة أبستمولوجية.
لقد بدت المهمة الأولى في التراث الفلسفي هي حل المشكلات الإبستمولوجية، وكأن الفلسفة قد تحولت إلى مجرد نظام معرفي. وظهرت محاولات متأخرة لإنقاذ الإبستمولوجيا مما آلت إليه، تمثلت في إيجاد نظم معرفية جديدة، تحل محل المعرفة التقليدية، كعلم النفس التجريبي وفلسفة العقل، أو تسعى من ناحية أخرى للاستجابة للمشكلات الحقيقية التي حاولت الإبستمولوجيا التراثية التعامل معها. وقد وصف رورتي هذه المحاولات بأنها مضللة؛ لأنها لا تخرج - في رأيه - عن إعادة بناء تاريخي للأبستمولوجيا، بل إنها تمثل «الصورة الكانطية لاتحاد التصورات أو المفاهيم مع الحدوس الحسية لإنتاج المعرفة»،
12
ويستبدل رورتي ما يسميه السلوك المعرفي أو الإبستمولوجي بحدوس وتصورات كانط: «إنني أفسر العقلانية والسلامة المعرفية أو صحة المعرفة، أفسرها بالإحالة إلى ما أدعوه «السلوكية المعرفية»، وهي اتجاه مشترك بين ديوي وفيتجنشتين.»
13
بهذا المعنى يصبح بإمكاننا أن نفسر معقولية المعرفة وصحتها من خلال ما يعتبره المجتمع صوابا وخطأ وليس العكس، أي أن اللغة سلوك اجتماعي له قواعده التي تختلف باختلاف اللعبة اللغوية المتعلقة بها كما قال فيتجنشتين في مرحلة تطوره المتأخرة التي اتجه فيها اتجاها سلوكيا في فهم اللغة. ويترتب على ما سبق أن الحق والصحيح لا يقومان على أساس أنطولوجي، بل يتحددان بما هو موجود في المجتمع: «إن القول بأن الحق والصدق هما مسألتان تتعلقان بالممارسة الاجتماعية يمكن أن يؤدي إلى الحكم علينا بالوقوع في النسبية التي هي في ذاتها نوع من رد المدخل السلوكي إما إلى المعرفة أو إلى الأخلاق.»
14
ولكن صورة الفلسفة التقليدية من أفلاطون إلى كانط هي التي صورت لنا أن هناك أسسا خالدة يستند إليها الصدق والصواب، وأن المعرفة والأخلاق تقومان على هذه الأسس، وهذا هو الوهم الذي عاش عليه ما يسمى بالفلسفة منذ أفلاطون إلى كانط والاتجاه المثالي كله.
يعتقد رورتي «أن الفلسفة التحليلية بلغت ذروتها عند كواين
15 ⋆
Página desconocida