Cosecha filosófica del siglo XX y otros estudios filosóficos
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
Géneros
10
هكذا هاجم هيجل المعرفة العقلية الخالصة التي فصلت الفكر عن الوجود، كما هاجم الفلسفة التجريبية الخالصة التي أغفلت السمات العقلية للواقع، وأقام منهجه الجدلي الذي وحد فيه بين الفكر والوجود، حتى ليمكن القول: «إن العقل يدرس من نواح ثلاث: فهو يدرس في حالة كونه مجردا، وذلك في المنطق، ويدرس من حيث تحققه في الكون وذلك في فلسفة الطبيعة، ويدرس من حيث إنه يتحقق عن طريق الفكر والنشاط الإنساني، وذلك في فلسفة الروح»،
11
ولكن يظل السؤال قائما وهو: هل استمر تطور العقل النقدي في هذا المنهج الجدلي الهيجلي أم توقف عند مرحلة بعينها وهي على وجه التحديد عصر هيجل نفسه؟ لقد بقي هذا التساؤل موضع إشكال وجدل، واختلفت حوله الآراء،
12
ولم تزل مختلفة بين شراح هيجل وأصحاب المنهج الجدلي على اختلاف تصوراتهم له بما لا يسمح بمناقشته في هذا المجال المحدود.
وإذا كانت الثورية هي طابع المنطق الجدلي الهيجلي، فإنها لم تنطلق بشكل واقعي على يد هيجل نفسه، وإنما أطلقها ماركس (1818-1883م) - الذي زعم أنه أوقف جدل هيجل على قدميه - من مكمنها، ولم يقصر دور العقل على التفسير، بل تخطاه إلى التغيير. ولا شك أن فلسفة كل من كانط وهيجل كانت أسبق من المحاولة الماركسية لتغيير دور الفلسفة (وبالتالي تغيير الدور الذي يلعبه العقل في العملية المعرفية)، إلا أنهما قدما حلا للمشكلة أعطى للفلسفة دورا يمكن وصفه بأنه غير تاريخي ولا واقعي-نقدي؛ فقد حولتها الكانطية إلى فلسفة ذاتية، وحاول هيجل أن يتحاشى هذا العجر ويتجاوزه، فقدم حلا محوطا بافتراضات ميتافيزيقية يتعذر الدفاع عنها، لكن مهمة العقل عند ماركس تحولت إلى نقد الواقع وتغيير العالم، وله يعود الفضل في هبوب عاصفة النقد والتغيير التي اجتاحت كل التيارات الفلسفية التي جاءت بعده، فمنذ أن أعلن في بيانه الشيوعي المبكر عام 1844م عن الحاجة إلى «نقد قاس لكل شيء موجود» كان هذا إيذانا بميلاد نظرية نقدية للمجتمع تعد نموذجا لخطاب علمي اجتماعي في منتصف القرن التاسع عشر، «ووجد ماركس في فلسفة هيجل المفهوم الذي احتاجه ليحول دور الفلسفة إلى نظرية نقدية، ألا وهو مفهوم «الرفع»،
13
وظل هذا المفهوم قابلا للتطور والتحديد الذاتي في النظرية النقدية المعاصرة من لوكاتش حتى هابرماس.»
14
Página desconocida