وفي سلب الحواجب والخدود
إذا كافأتهم ببنات كسرى
فهل يجد الموالي من مزيد
فأي الحق أنصف للموالي
من اصهار العبيد إلى العبيد
ولما نزل الحجاج واسطا نفى النبط منه، ووسم أيديهم بالمشرط، وكتب إلى عامله بالبصرة: إذا قرأت كتابي فانف من قبلك من النبط، فإنهم مفسدة للدين والدنيا، وأمر الحجاج ألا يؤم الناس في الكوفة إلا عربي، وكان العرب في الدولة الأموية إذا أقبل العربي من السوق، ومعه شيء ثقيل فرأى مولى دفعه إليه ليحمله عنه، ولو كان العربي راكبا والمولى ماشيا، فلما جاء الفرس انتقموا من العرب، وخلقوا فكرة الشعوبية يطلبون فيها المساواة، ويدعون أن في كل أمة مزايا وعيوبا، وألفوا في ذلك الكتب يحقرون من شأن العرب، ويذكرون مثالبهم، كالذي يقوله أبو نواس:
ومن تميم ومن قيس وغيرهما
ليس الأعاريب عند الله من أحد
الشعوبية
ولم يستسلم العرب - أول الأمر - لهذه الدعوة الشعوبية بل قاوموا، وكانت المقاومة بالحرب أحيانا، وبالدس أحيانا، وربما كانت نكبة البرامكة نتيجة لهذه الخصومة الشديدة بين الفرس والعرب في السر والعلن، قال ابن خلدون: كان بنو قحطبة أخوال جعفر، وهم عرب من أعظم الساعين عليهم، وأخيرا انتصر الفرس على العرب بهزيمة الأمين، وذهب ريحهم كما ذهب ريح الفرس على يد الأتراك فيما بعد.
Página desconocida