ولكن إدارة المأمور لوجهه وعينيه كانت إمعانا في التفكير ليس إلا وتثبتا من وجاهة الرأي الذي استقر عليه.
وأشار فكري أفندي فجأة بالخيزرانة التي كانت معه، أشار إلى الفضاء الكائن خلف الإصطبلات وقال: لازم واحدة من دول.
وتطلعت العيون والقلوب إلى حيث يشير، وجاءه الجواب من أكثر الواقفين وكأنه فرحة البراءة: هم، ما فيش غيرهم، ودي عايزة كلام؟ دول غرابوة ولاد كلب.
قالوا هذا وتحفزوا جميعا لأي إشارة تصدر عن المأمور.
غير أن المأمور لم يشر بشيء؛ فقد عاد إلى حذائه الكالح يحدق فيه وعادت عصاه الخيزران تعبث برباط حذائه أحيانا وبالقش أحيانا أخرى.
ثم قال: ولا يمكن البت نبوية.
فقال صالح الخولي وقد غير رأيه على الفور: وما يمكنشي ليه؟ دي تاجرة بيض ولعبية.
وقال الأسطى محمد: دي بقالها عازبة زمان، حد عارف؟! يمكن. أستغفر الله العظيم.
وقال عبد المطلب الخفير: والله ما في غيرها.
غير أن المأمور لم يمهلهم، ما لبث أن استدار ومضت عيناه تتأرجحان حتى استقرتا عند الفضاء الكائن خلف الإصطبلات وقال: أبدا! هم دول ما فيش غيرهم.
Página desconocida