الحرام
خاتمة
الحرام
خاتمة
الحرام
الحرام
تأليف
يوسف إدريس
الحرام
في تلك البقعة من شمال الدلتا، حيث يمتد التفتيش واسعا عريضا لا يكاد البصر يصل إلى مداه، كانت الدنيا تمر بلحظة السكون التام حين يكون الليل وما فيه من نقيق وصرير قد ولى، وحين لا يكون النهار الكامل بأصواته وضجيجه قد أقبل بعد. سكون تام مطبق وكأنما ستقوم القيامة بعده، سكون جليل مهيب تتردد حتى أدق الكائنات في خدشه، لم يكن يجرؤ على خدشه إلا نصف كرة أبيض كان يغوص في ماء الترعة ثم يطفو ليعود يغوص، محدثا خرخشة تتعالى وتدوي في رحابة السكون. ظل هذا يحدث عددا غير قليل من المرات، ثم حدث أن غاص نصف الكرة مرة وغاب أكثر من المعتاد، غير أنه لم يلبث أن طفا فجأة مخترقا الماء في ضجة عظمى. وهذه المرة وضح أن لنصف الكرة جبهة ما لبث أن وضح أن لها عينين ثم فما، ثم لم يلبث الوجه أن تكامل واستدار الرأس آخذا طريقه إلى الحافة، وكلما تقدم ينحسر الماء عن رقبة، ثم جسد أبيض من الخلف كثيف السواد من الأمام، وقرب الحافة ظهرت الذراعان هزيلتين بالقياس إلى الجسد الضخم، ولكن على بطن الذراع اليمنى وشم فتاة ممسكة سيفا وكتابة لو دققنا النظر فيها لوجدنا أنها لاسم، والاسم هو عبد المطلب محمد البحراوي.
Página desconocida