El Movimiento de Traducción en Egipto Durante el Siglo XIX
حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر
Géneros
كلمة شكر
تمهيد
الحملة الفرنسية
محمد علي باشا
عباس باشا
سعيد باشا
الخديو إسماعيل
المراجع
كلمة شكر
تمهيد
Página desconocida
الحملة الفرنسية
محمد علي باشا
عباس باشا
سعيد باشا
الخديو إسماعيل
المراجع
حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر
حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر
تأليف
جاك تاجر
Página desconocida
كلمة شكر
إنه لمن أعز واجباتي وأقدسها أن أعرب عن بالغ شكري إلى حضرة صاحب السعادة أنطون الجميل باشا عضو مجمع فؤاد الأول للغة العربية ومقدم الجائزة.
وإلى حضرات أصحاب العزة أحمد بك أمين، وعباس محمود العقاد، وعلي الجارم بك أعضاء لجنة الآداب بمجمع فؤاد الأول للغة العربية.
وإلى صاحب العزة جورج جندي بك رئيس قلم المحفوظات التاريخية بديوان جلالة الملك على ما بذلوه من جهد، ومدوني به من عون في سبيل إخراج رسالتي.
المؤلف
تمهيد
لم يكن لحركة الترجمة في مصر أيام المماليك من أثر يذكر، وفي مقدمة الأسباب التي جعلتها كذلك يومئذ أمران:
الأول:
تحول شئون التجارة الخارجية بين مصر والخارج عن طريق السويس والبحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح.
الثاني:
Página desconocida
الفوضى التي كانت تسود الديار المصرية يومئذ، حتى لقد هجرها رجال العلم والفن من شرقيين وأوروبيين، فانقطعت بهذا الهجران الأواصر الفكرية بين الشرق والغرب، وفترت حركة الترجمة فتورا واضح الأثر.
حقا أنه كان يعيش في القاهرة والإسكندرية وغيرهما من المدن المصرية جاليات أوروبية، ولكنها كانت قليلة العدد، وكان أفرادها من التجار الذين وفدوا إلى مصر لاستثمار تجارتهم فحسب، فكان أثرهم في الترجمة مقصورا على مصالحهم التجارية الخاصة، وكانت كلما جدت لهم مشكلة في تجارتهم وسطوا فيها قناصلهم بينهم وبين «البكوات» المماليك فتولوا فضها كل بواسطة ترجمانه، وإذن فالترجمة الصحيحة العامة لم تظهر في مصر إلا في عهد الاحتلال الفرنسي، ومن أجل ذلك رأينا ألا نهمل السنتين السابقتين للقرن التاسع عشر بل ضممناهما إلى هذا القرن؛ لنتتبع حركة الترجمة في مصر من مولدها حتى هذا العصر.
ولما كان ملوك الأسرة العلوية الكريمة - وهم الذين قادوا حركة الترجمة في القرن التاسع عشر - قد استغلوا هذه الحركة في أغراض مختلفة استحسنا تقسيم دراستنا لها إلى ست فترات هي:
الحملة الفرنسية
من 1798 إلى 1801
عصر محمد علي وإبراهيم
من 1805 إلى 1848
عصر عباس الأول
من 1848 إلى 1856
عصر سعيد
Página desconocida
من 1856 إلى 1863
عصر إسماعيل
من 1863 إلى 1879
عهد الاحتلال
من 1880 إلى 1889
الحملة الفرنسية
لما اعتزمت الحكومة الفرنسية فتح البلاد المصرية؛ لعرقلة طريق الهند أمام الإنجليز حتى يضطروا إلى قبول الصلح، وعهدت إلى الجنرال بونابارت في تنفيذ هذه الخطة الجريئة، رأى هذا القائد البارع والسياسي المحنك أن السيف لا يكفي وحده لسلامة جيوشه والمحافظة على فتوحه فعقد النية على بث روح التعاون بين الحاكم والمحكوم، وتوثيق عرا الصداقة بينهما، وقرر تأليف حكومة أهلية تتفق مبادئها مع مبادئ الثورة الفرنسية، فتقوم بإدارة مصالح الشعب وتوفير طمأنينته، إلا أن اضطراب الأحوال السياسية والحربية، ولا سيما بعد إغراق الأسطول الفرنسي في معركة أبي قير، وجهل الأعيان والشيوخ في مصر يومئذ بأساليب الحكم الجديد، حمل نابليون على وضع هذه الحكومة الناشئة تحت إشرافه ورقابته.
وكان يجب على الرجل الذي نبتت في ذهنه هذه الخطة الجريئة أن يفكر في السعي إلى تحقيقها على الوجه الأكمل حتى إذا ما اعترضته بعض المصاعب تمكن من تذليلها، وكانت مسألة اللغة من أهم المصاعب التي قد تعوق علاقات الحاكم بالمحكوم. فكان لا بد للجنرال بونابارت أن يستدعي معه من لهم إلمام باللغات الشرقية حتى ييسروا عليه مهمته كلما أراد التحدث إلى الأعيان أو استطلاع رأيهم أو مفاوضتهم أو إرشادهم، فأدت هذه الحركة إلى ترويج صناعة الترجمة في مصر.
وكان في فرنسا وقتئذ بعض المستشرقين والمتخرجين في مدرسة اللغات الشرقية التي أنشأها الملك لويس الرابع عشر في القرن السابع عشر؛ لتخريج المترجمين الصالحين لإلحاقهم بالسفارات والقنصليات في الشرق، وكان بعضهم قد اكتسبوا شهرة عظيمة بسبب إقامتهم عهودا طويلة في البلاد الخاضعة للدولة العثمانية أو المجاورة لها، واختلاطهم بأعيانها وحكامها حتى إنهم أتقنوا لغاتها. فانتفع بونابارت بمعلوماتهم وخبرتهم، ولكن بالرغم من الأعباء الثقيلة التي فرضها عليهم، ظل عددهم قليلا إلى انتهاء الحملة، وكان معظمهم يتقنون اللغتين الفارسية والتركية أكثر من اللغة العربية التي لم يجيدوها إلا بعد تمرين طويل ومشقة بالغة.
أما الأعمال التي أنجزوها أثناء الحملة فهي: (1)
Página desconocida
القيام بمهمة المترجم
Intérprete : احتاج الجنرال بونابارت وكبار قواده إلى من ييسر لهم الاتصال بالشعب، وكان هؤلاء التراجمة في بادئ الأمر من الفرنسيين، حتى إذا اتسع نطاق العمل استعانوا ببعض الشرقيين، ولا سيما السوريين. (2)
ترجمة الوثائق الرسمية والإدارية: قبل أن ينزل الجنرال بونابارت إلى البر، وزع منشورا على أهالي الإسكندرية يكفل لهم حرية العقيدة، واحترامه الدين الإسلامي، ويحثهم على مناصرة الفرنسيين، ومحاربة المماليك الطغاة، وقد تولى «فانتور» ترجمة هذه الوثيقة، وطبعها المستشرق «حنا يوسف مارسيل» مدير مطبعة الحملة فوق الباخرة «لوريان» ووزع منها أكثر من أربعة آلاف نسخة على رجال الدين والأعيان، وتعتبر هذه الوثيقة أول عمل أخرجته مطبعة عربية في الشرق، واستمر المترجمون بعد ذلك في ترجمة المنشورات الرسمية، والأوامر الإدارية كما أخذوا يترجمون إلى الفرنسية الشكاوى الكثيرة التي كان يرفعها الأهالي إلى الديوان. (3)
ترجمة الكتب العلمية: وبالرغم من الأعمال الإدارية الكثيرة التي أثقلت كاهل المترجمين استغل بعضهم أوقات فراغه القصيرة؛ لتحسين الكتابة العربية، أو مناقشة رجال الدين والعلم، أو ترجمة دواوين الشعراء، أو بعض المؤلفات العربية والعلمية والأدبية والدينية التي سيأتي ذكرها فيما بعد. (1) مترجمو الحملة وأهم أعمالهم (1-1) المستشرق فانتور
Jean Michel Venture De
كان فانتور أكبر علماء الحملة سنا، ولد في مرسيليا سنة 1739، وتعلم اللغات الشرقية في مدرسة اللغات بكلية لويس الأكبر، وطاف بالبلاد الشرقية نحو أربعين سنة قام خلالها بمهمات دبلوماسية دقيقة إلى جهات متعددة منها القاهرة ومراكش وتونس والجزائر؛ ففي سنة 1788 أرسل إلى الجزائر لتسوية الخلاف القائم بين فرنسا وتلك البلاد، وتمكن بعد مفاوضات مكثت ستة عشر شهرا أن يجدد الاتفاقات السابقة، ولما رفض الباب العالي في سنة 1793 الاعتراف بالسفير الفرنسي
De Sémonville
تولى فانتور مهمة السفارة حتى سنة 1795 حتى إذا عين سفير جديد ساعده فانتور على أداء مهمته.
وقد أدى فانتور إلى بلاده خدمات جليلة، وكانت شهرته العظيمة هي السبب في تعيينه قبيل نشوب الثورة الفرنسية بمدة وجيزة «سكرتيرا ومترجما للملك في اللغات الشرقية»
Secrétaire-Interprete du Roi Pour les Langues Orientales
Página desconocida
وهي أعلى رتبة تعطى لمن ينتسب إلى سلك المترجمين، وكانت آخر رحلة له في سنة 1797. فلما عاد إلى فرنسا مالت نفسه إلى الراحة، فاعتزل السياسة، وقصر نشاطه على تدريس اللغة التركية في مدرسة اللغات الشرقية، ولكنه لم يتمكن من الراحة إذ وقع اختيار الجنرال بونابارت عليه؛ ليكون كبير مترجمي الحملة الفرنسية، ومستشاره الخاص، ومرجعه الأول في المسائل الخاصة بالشرق والشرقيين. فلما وصل إلى مصر عين عضوا في المجمع العلمي المصري، وقد ذكره الجبرتي في كتابه فقال فيه «إن فانتور هذا ترجمان ساري عسكر الجيوش الفرنسية، وكان لبيبا متبحرا يعرف اللغات التركية والعربية والرومية والطلياني والفرنساوي.» ومما هو جدير بالذكر أنه قام في مصر ثماني سنوات في أواخر القرن الثامن عشر وقبل الحملة. فلما عاد إليها مع الحملة، التقى بكثير من أصدقائه وعارفيه من المشايخ وأعيان القبط. فساعدوه في كثير من الشئون، وقد رافق الجيش في سيره إلى الشام؛ إذ قلما كان قائده يستغني عن خدماته وإرشاداته. ثم أصيب أثناء حصار عكا بالديسنطاريا، وتوفي أمام هذه المدينة في مايو سنة 1799.
1
أعماله
وعلى الرغم من الشهرة التي تمتع بها فانتور، توفي دون أن تنشر مؤلفاته، وإن يكن قد ترك عدة مخطوطات؛ منها وثيقتان عثر عليهما في مصر، وهما تحويان تفصيلات وافية مهمة عن تاريخ المماليك، ونشر المسيو دي شارل جالياردو ترجمة لهاتين الوثيقتين في «مجلة مصر»
La Revue d’Egypte
في العددين الصادرين في أول أغسطس وأول سبتمبر سنة 1894، وكان «ڨولني»
Volney
قد ادعى في كتابه «رحلة إلى مصر والشام»
2
أن فانتور قابله في مصر وقال له: إنه على وشك الفراغ من ترجمة هاتين الوثيقتين.
Página desconocida
وترجم أيضا كتابا للشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي سماه:
récréatif sur le régne des Khalifes, des Rois et des Sultans d’Egypte (نزهة الناظرين في تاريخ من ولي مصر من الخلفاء والسلاطين).
وهو مخطوط عربي مودع مكتبة باريس تحت رقم 220493.
ولم نعرف من سائر تراجمه إلا بعض مقتطفات أدبية نشرها في مجلة «الماجازين بتوريسك»
Magasin Pittoresque
وقاموس لغة البربر الذي نشره «لانجليس»
Langlés
في ذيل كتاب رحلة «هورنمان »
Hornemann .
3 (1-2) المستشرق جوبير
Página desconocida
Lours-Amedee Jaubert
اختاره بونابارت للسفر معه إلى مصر بتوصية فانتور، وذلك بعد أن رفض العلامة لانجليس الانضمام إلى رجال الحملة (ويقال: إن هذا العلامة كان يجيد جميع اللغات الشرقية) وكانت معلومات جوبير في اللغة العربية مقصورة على قواعدها التي تعلمها على يد المستشرق الكبير «سيلفستر دي ساسي» ولكنه أتقنها فيما بعد بفضل اجتهاده، وساعده على ذلك مناقشاته المتوالية للعلماء والشيوخ وأعضاء الديوان، ولما توفي فانتور حل محله كبيرا لمترجمي الحملة فازدادت مخصصاته وتبعاته.
وكتب جوبير عن نفسه فقال: «كنت مشغولا من الصباح إلى المساء أتلقى أوامر بونابارت، وأبلغها الجهات المختصة، ثم أستمع إلى آراء الأعيان وشكواهم، وأناقشهم في شتى الموضوعات. فكنت مضطرا إلى السهر ليالي طويلة أمضيها في مطالعة الوثائق الإدارية التي يصعب قراءتها حتى للمترجم الذي يجيد لغته. ثم أتولى مراجعة قوائم الحساب التي يقدمها محصلو الضرائب؛ إذ كان هؤلاء يكتبونها بخط رديء لتضليل المراقب، وتعجيزه عن التثبت من صحتها.
4
ولما غادر جوبير البلاد المصرية مع سائر رجال الحملة عين مدرسا للغة التركية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس، ثم مدرسا للغة الفارسية في الكوليج دي فرانس فناظرا لمدرسة اللغات الشرقية، ومما يثير الدهشة أنه لم يعين قط مدرسا للغة العربية، وهذا دليل واضح يثبت ما ذكرناه قبل ذلك وهو أن أهم مترجمي الحملة كانوا يجيدون اللغتين التركية والفارسية أكثر من إجادتهم اللغة العربية.
أعماله
ليست أعمال جويير كثيرة، وهي لاحقة للحملة الفرنسية. فهو الذي ترجم إلى اللغة الفرنسية بعض النقوش
Inscriptions
المذكورة في كتاب «باشو»
،
Página desconocida
5
وأخذ بعد ذلك يترجم «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» للشريف الإدريسي من النص المودع المكتبة الملكية بباريس، وعلق عليه، وطبع ترجمته في جزأين صدر الجزء الأول في سنة 1836 والجزء الآخر سنة 1840 تحت عنوان
Géographie d’Edresi
وكان يعلل هذا البطء في العمل باشتغاله بأداء بعض المهمات الدبلوماسية في الخارج. (1-3) المستشرق مارسيل
Jean Joseph Marcel
ولد في سنة 1776، ودرس بإشراف المستشرق دي ساسي، فأظهر أثناء دراسته مقدرة عظيمة على تعلم اللغة العربية، واشتغل بعد ذلك في الصحافة، واكتسب خبرة في فن الطباعة ، فرشحه بونابارت مديرا لمطبعة الحملة، وكان مارسيل لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، وأظهر في عمله نشاطا ومهارة فائقين. فتولى طبع جميع منشورات القيادة العليا كما تولى طبع ألف وستمائة نسخة من مجلة «كورييه ديجبت»
Le Courrier d’Egypte
وثلاثة أجزاء من «لاديكاد إيجيبسيان»
La Décade Egyptienne
وتقويم الثورة الفرنسية لسنتي 7 و8، كذلك طبع عدة كتب ألفها أو ترجمها نذكر منها «وصايا لقمان الحكيم» وهو كتاب صغير صدر سنة 1799، وعلق عليه مارسيل نفسه في مجلة «لاديكاد»، وكتاب «القواعد للغات العامية في مصر وسورية» (لم يتم طبعه)، وكتاب «فتح الآستانة» باللغة العربية، وكتاب مطالعة باللغة الفصحى، وطبع أيضا «مجموعة المستندات الخاصة بإجراء محاكمة سليمان الحلبي قاتل القائد العام كليبر» باللغات الفرنسية والعربية والتركية، وقد ذكرها الجبرتي في تاريخه «عجائب الآثار»، وكان يستعين مارسيل في أعمال الطباعة ببعض المختصين الفرنسيين والإيطاليين الذين استدعاهم من مطبعة الفاتيكان بروما.
Página desconocida
ويقول مارسيل: إنه جمع أكثر من ألفي مخطوط باللغة العربية والفارسية والتركية والقبطية، وإنه لم يندم على ما بذله من المال، وما عانى من مشقة البحث للحصول على هذه المجموعة، ويروى عنه أنه بينما كانت مدافع الفرنسيين تضرب ساحة الأزهر حيث كان الثوار قد لجئوا إليها، قفز مارسيل وسط اللهيب؛ لينقذ من النار بعض المخطوطات الثمينة التي كانت في المسجد.
وبعد عودته إلى فرنسا اشترك في تأليف كتاب «تخطيط مصر» وأشرف على طباعته بوصفه مديرا للمطبعة الأميرية، وألف القسم الخاص بتاريخ مصر الإسلامية في مجموعة «لونيفر بيتورسك»
L’Univers Pittoresque
الذائعة، وترجم أقاصيص الشيخ المهدي كما ترك لنا «متنوعات من الأدب الشرقي»
Mélanges de littérature Orientale ، وتوفي سنة 1854 وقد كف بصره أو كاد، وفقد سمعه.
ولا شك أن أنفس ما دونه هو «متنوعات
Mélanges » وروايات الشيخ المهدي، والمعجم الفرنسي العربي، وسنتناولها ببعض التفصيل.
متنوعات الأدب الشرقي
Mélanges de Litterature Orientale :
جمع مارسيل مقتطفات من آثار أشهر شعراء العرب وكتابهم، وترجمها إلى اللغة الفرنسية، فنالت استحسان الجمهور.
Página desconocida
القاموس الفرنسي العربي للغة العربية العامية:
وهي طبعة منقحة للقاموس الصغير الذي نشره في القاهرة سنة 1898، ويضم هذا القاموس
6
أكثر من أربعين ألف كلمة، ولا شك أن لهذا المجهود فائدة عظيمة، قال مارسيل في مقدمة قاموسه: «شوهت البلاد العربية اللغة الأصلية التي كان ينطق بها عرب الجاهلية. فلما وصلت إلى الإسكندرية منذ أربعين سنة (مع الحملة الفرنسية) لاحظت مع الأسف أن خادمي الخاص لا يفهم كلامي كما أنني لا أفهم كلامه بالرغم من أنني تلقيت دروس اللغة العربية على يد أساتذة مهرة. فتعلمت اللغة العامية، وتمكنت بعد جهد عظيم أن أنشر في مصر قاموسا موجزا للغة العربية العامية.
7
تحفة المستيقظ العانس في نزهة المستنيم والناعس:
وهي ترجمة مخطوط عربي إلى اللغة الفرنسية، طبعها مارسيل سنة 1835 في ثلاثة أجزاء، وذكر في المقدمة كيف أمكنه العثور على هذه الوثيقة. فقال: «تعرفت على كثير من أعيان القاهرة، ولكني عاشرت على الأخص الشيخ المهدي، فكانت علاقاتنا مستمرة ومصطبغة بصبغة الصداقة، وبينما كنا نتحدث في أحد الأيام عن الأدب العربي كلمته عن كتاب ألف ليلة وليلة. فقال لي: هذا كتاب يرجع إلى زمن قديم جدا، وعلى كل حال فقد اقتدى به كثير من الكتاب في تأليف ما يشابهه، وإني شخصيا أملك مخطوطا من هذا النوع. فأظهرت له رغبتي في قراءة هذا المخطوط فأتى به في اليوم التالي وأهداه إلي راجيا مني قبوله، وهذا المخطوط كتبه بيده وإني أعتقد أن الشيخ المهدي هو مؤلفه على رغم عدم اعترافه هو بذلك.»
8
وهؤلاء المستشرقون الثلاثة يعدون أهم مترجمي الحملة، ولا شك أنهم قاموا بأكبر قسط من العمل الملقى على عاتق المترجمين، وتركوا فوق ذلك أبحاثا قيمة في التأليف والترجمة، وكان يساعدهم على أداء هذه المهمة الشاقة بعض المتخرجين في مدرسة اللغات الشرقية بباريس ومن بينهم: (1-4) ديلابورت
Jacques-Dgnis Delaporte
Página desconocida
ولد في سنة 1771 وتوفي في سنة 1861، وكان العالم دي ساسي أستاذه في اللغة العربية، واشتهر بعد ذلك بإجادة هذه اللغة، وجاء إلى مصر مع الحملة، وألحق بإدارة مدير الشئون المالية، وكتب تاريخا موجزا لعصر المماليك نشره باللغة الفرنسية في الجزء السادس عشر من كتاب «تخطيط مصر». (1-5) بيلتيت
Belletete ou Belleteste
ولد في أورليانس سنة 1788، وكان يميل منذ طفولته إلى تعلم اللغات الشرقية ، ولكنه لم يدرسها إلا بعد خروجه من المدرسة، ثم انضم إلى الحملة الفرنسية سكرتيرا ومترجما في القيادة العليا، ولكنه لم يقم في مصر فترة طويلة؛ إذ أصيب في معركة هليوبوليس إصابة بالغة ألجأته إلى العودة إلى بلاده حيث عينته الحكومة سكرتيرا ومترجما في وزارة الخارجية، وكلفته الوزارة ترجمة بلاغات الجيش الفرنسي لمعارك سنة 1805 و6 و7 إلى اللغة التركية بالاشتراك مع
Kieffer
واشترك أيضا في تأليف كتاب «تخطيط مصر» وكان يشغل أوقات فراغه بترجمة مخطوط عربي في علم المعادن، وقد جمع قصصا باللغة التركية وجعل عنوانها «الوزراء الأربعون»
Les Quarante Vizirs .
9 (1-6) براسيفيش
Damien Bracevich
كان يشغل قبل الحملة بزمن قليل وظيفة «مترجم أول» بطرابلس الشام، ولما جاء الفرنسيون إلى مصر كان يقيم بالإسكندرية سكرتيرا للقنصلية. فالحق بمعية الجنرال
مدير الشئون المالية، ثم عين كبيرا لمترجمي الجنرال كليبر، وقد ترجم أقوال سليمان الحلبي، كما ترجم أقوال سائر المتآمرين في قضية مصرع هذا القائد. (1-7) بانهوسن
Página desconocida
عين في بدء الحملة مترجما خاصا للجنرال كليبر، ثم اختفى عن زملائه يوم نزول القوات الفرنسية، وانقطعت أخباره حتى الآن. (1-8) لوماكا
Jean-Baptiste Santi L’homaga
احترف الترجمة، وشغل منصب الترجمان في بلاد مختلفة منها سلانيك وجزيرة كريت، ثم رقي سكرتيرا في القنصليات الفرنسية في الشرق، وألحق أثناء الحملة بقيادة الجنرال كليبر حيث اشترك مع
Bracevich
في استجواب المتهمين في قضية مقتل الجنرال كليبر، وألحق بعد ذلك بقيادة الجنرال مينو. (1-9) رينو
Jean Renno
مترجم ملحق بالجيش. •••
أما المترجمون الشرقيون: فكان عددهم قليلا أيضا وهم جبران سكروج وإلياس فخر وبترو سافرلو وإبراهيم صباغ ومسابكي وإليوس (إلياس) بقطر والأب روفائيل زخورة، ولم يشتهر منهم إلا اثنان هما إليوس بقطر والأب روفائيل. (1-10) إليوس بقطر
ولد في أسيوط سنة 1784 من أب قبطي، ولما بلغ الخامسة عشر من عمره ألحق بقيادة الجيش الفرنسي مترجما، وسافر إلى فرنسا مع سائر رجال الحملة، وعين سنة 1812 لترجمة الكتب المودعة محفوظات وزارة الحربية. ثم ألحق بالجيش مترجما، وألغيت وظيفته سنة 1814، وفي سنة 1817 أجيز له تدريس اللغة العربية العامية بمدرسة اللغات بباريس، وتوفي سنة 1821.
وألف معجما عربيا فرنسيا طبع سنة 1864 بباريس، وراجعه وأضاف إليه زيادات الأستاذ «دي بيرسيال»
Página desconocida
Caussin de Perceval
في سنة 1869 ثم راجعه ثانيا، وأضاف إليه زيادات عبيد جلاب، ونشره في جزأين. (1-11) الأب روفائيل دي موناكيس
Dom Raphael De Monachis
واسمه الأصلي أنطون زخورة، وهو من أصل شرقي، وينتمي إلى طائفة الروم الكاثوليك الملكيين، ولد سنة 1758، وتوفي سنة 1831، وقد خدم رجال الحملة الفرنسية ومحمد علي باشا، وسافر إلى روما في السادس عشر من عمره؛ ليتلقى العلوم الدينية، وبينما كان هناك مر بهذه المدينة العالم «مونج»
Monge
موفدا من قبل الجنرال بونابارت؛ لجمع المترجمين وبعض الفنيين في أعمال الطباعة العربية، وشراء بعض الحروف العربية والإفرنجية. فطلب الأب روفائيل انضمامه إلى رجال الحملة. فاشتهر في مصر، وعين مترجما للجنرال مينو، وفي الوقت نفسه عين عضوا في المجمع العلمي المصري، وكان هو العضو الشرقي الوحيد؛ إذ كان ينص الأمر الصادر في 22 أغسطس سنة 1798 الخاص بإنشاء المجمع العلمي بأنه «سيلحق بالمجمع مترجم عربي يتقاضى مرتبا خاصا، ويمكن تعيينه عضوا فيه»
10
فكان الأب روفائيل يحضر جلسات المجمع، ويشتغل بترجمة المنشورات والقوانين، وفوق ذلك شرع في ترجمة بعض الكتب، وينسب إليه ترجمة الكتيب الذي وضعه الطبيب «ديجينيت»
Desgenettes
في مرض الجدري (ونسب جيمار خطأ هذه الترجمة إلى المستشرق مارسيل)، وبعد ارتداد الفرنسيين أوفده الألفي بك إلى باريس بتعليمات سرية خاصة بالسياسة المصرية. فالتقى الأب روفائيل ثانية برجال الحملة، وظل في فرنسا إلى ما بعد سقوط نابليون، ثم عاد إلى مصر، واستأنف أعمال الترجمة، واشتغل في الطباعة كما سنبينه في الفصل الخاص بعهد محمد علي باشا. •••
Página desconocida
وقصارى القول: إنه كان للحملة الفرنسية شأن عظيم في إحياء الترجمة في مصر، ولكن قوادها لم يهتموا بترجمة الكتب والمقالات العلمية؛ لتوزيعها على الشعب كما فعل فيما بعد محمد علي باشا، بل اقتصر اهتمامهم على ترجمة ما يتصل بالأعمال الإدارية والعسكرية وحدها. أما مؤلفات المستشرقين: فإنهم لم ينتهوا منها أثناء الحملة، على أنها كانت فوق مستوى شعب أهمل تعليمه فلا يستطع أن يجني أية ثمرة منها.
هوامش
محمد علي باشا
سادت الفوضى في مصر على أثر ارتداد الفرنسيين، وأصبحت البلاد ميدانا للدسائس والمنازعات السياسية والحروب الأهلية، وقد أهمل العلم وانطفأت مصابيحه، ولما تولى محمد علي باشا الحكم أدرك أن كل حركة إصلاحية توجه إلى تكوين أمة وإنشاء حكومة أهلية لن تقوى وتستمر وتزدهر إلا إذا امتدت أصولها في نفس الشعب، فنشر العلم، وأنشأ المعاهد العلمية التي نهض خريجوها بكثير من الأعمال الفنية والإدارية.
وليس هنا مجال الحديث فيما ذكره بعض المؤرخين من أن السبب الحقيقي لاهتمام محمد علي باشا بإنشاء المدارس يرجع إلى رغبته في تزويد جيشه الناشئ بالضباط والأطباء والمهندسين وغيرهم من الفنيين، ولكننا سنبين أن حركة التعليم كانت سببا في نمو حركة الترجمة حتى إن أحد الكتاب العصريين
1
قال: «لا نغلو إذا وصفنا عصر محمد علي من جهة النهضة العلمية بأنه عصر الترجمة والتعريب.» •••
وكان لازدهار حركة الترجمة في هذا العصر سببان أساسيان؛ الأول: حاجة محمد علي الشخصية إلى معرفة الأوروبيين، والاطلاع على مؤلفاتهم العلمية والأدبية، والثاني: رغبته في نشر الحضارة الغربية، والاستعانة في البدء بالأجانب لتثقيف شعبه. (1) الترجمة في خدمة الوالي (1-1) شغل محمد علي باشا بمطالعة مؤلفات الفرنجة
لم يتعلم والي مصر القراءة إلا في الخامسة والأربعين من عمره، ومع ذلك كان يتوق إلى مطالعة مؤلفات الغرب، وما تحوي من فلسفة وحكم، وأساليب خاصة بالإدارة والحرب، وذكر الكونت «ديستورميل»
D’Estourmel
Página desconocida
في هذا القبيل قصة طريفة دونها في كتابه
2
فحواها: أن أحد الملوك أهدى إلى والي مصر كتابا في علم الجغرافية مجلدا تجليدا فاخرا فاستدعى الباشا كبير مترجميه، وسأله «كم تحتاج من الوقت لترجمة هذا المؤلف» فأجابه المترجم «ثلاثة أشهر تقريبا». فأحضر محمد علي باشا سيفه، وقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام وزعها على ثلاثة مترجمين، وذلك لإنجاز العمل في شهر واحد، وهذه القصة تبين مزيد عنايته واهتمامه بالاطلاع عاجلا على أحوال الغربيين. (1-2) مترجمو الديوان العالي
ومن العجيب أننا لا نجد أي أثر لإنشاء قلم ترجمة في الديوان العالي برغم كثرة الأعمال، إلا أن المنطق وما استنتجناه من المصادر المطبوعة يبين لنا أن الوالي استعان بعدد غير قليل من المترجمين ، كانوا يكلفون ترجمة التقارير المختلفة الرسمية والشبيهة بها، وقصاصات الجرائد الأوروبية، والكتب الخاصة بأحوال مصر السياسية والاجتماعية، ومن الشواهد ما ورد في مجموعة رسائل المسيو «أنفانتان»
Enfantin ،
3
وكان وقتئذ رئيسا لطائفة السان سيمونيان، إلى صديقه «آرليس»
Arlés
فقد كتب في 13 يناير سنة 1836 - «أن الباشا أمر بترجمة كتاب المسيو «بارو»
Barrault »
Página desconocida
4
فطلب مني أحد المترجمين الملحقين بالديوان العالي النسخة التي كانت في حيازتي حتى يستطيع القيام بعمله.» ثم إن بعض المترجمين كأوغوسط سكاكيني وعزيز أفندي وحسن أفندي كانوا يضمون إلى أسمائهم لقب: «مترجم وكاتب بالديوان العالي». (1-3) اهتمام محمد علي باشا بالكتب المترجمة
وكان محمد علي باشا إذا اطلع على كتاب وأعجبه أمر في الحال بطبعه وتوزيعه على الأعيان والمكاتب، وكان على عكس ذلك يحول دون نشر الكتاب إذا لم ينل استحسانه، وقد كتب الجناب العالي مرة إلى مختار بك
5
بتاريخ 10 ذي القعدة سنة 1252 في شأن ترجمة الكتاب الذي وضعه الأفرنسيس أثناء الحملة (وأظن أنه يقصد بذلك كتاب «تخطيط مصر») يطلب منه أن يرسل إليه إحدى النسخ المترجمة قبل طبعها، وبعد فترة وجيزة تسلم مختار بك كتابا آخر بتاريخ 21 ذي القعدة سنة 1252
6
فحواه أن الجناب العالي لا يوافق على طبع الكتاب الخاص بأخلاق المصريين الذي ألفه الفرنسيون.
وكان الوالي يهتم بكل كتاب يقع تحت بصره أو يسمع به يكون محتويا على آراء يعود تنفيذها بفائدة مادية وأدبية. فقد أرسل إلى سلحدار إبراهيم باشا المقيم في لندن كتابا بتاريخ 19 ربيع ثاني سنة 1243
7
جاء فيه: «قد بلغنا أنه يوجد كتاب مطبوع باللغة الإنجليزية يبين مبلغ مصروفات كل سفينة حكومية أنشأتها الدولة الإنجليزية، وكذلك توجد كتب مطبوعة مؤلفة على طراز سهل يشتاق صغار الأطفال إلى قراءتها، فعلى ذلك قد اقتضت إرادتنا جلب هذا الكتاب المطبوع؛ ليحصل الاطلاع على مقدار المبالغ المصروفة لإنشاء السفن ومشترى الكتب أيضا وإرسالها إلى طرفنا فيلزم شراؤها بمعرفتكم، وترجمتها إلى اللغة التركية، ثم إرسالها مع الأصول المطبوعة.» (1-4) التراجمة ومركزهم الأدبي
Página desconocida
وإلى جانب هؤلاء المترجمين احتاج الوالي إلى من يقوم بمهمة الترجمان نظرا لاتصاله المستمر بقناصل الدول وكبار الموظفين الأجانب والسياح القادمين إلى مصر، وأول من اختاره الباشا لشغل هذا المنصب هو يوسف بوغوص الأرمني الأصل وكان يتقن عدة لغات، ولما غضب عليه الباشا حل محله الدكتور «جايتاني»
Gaétani
كبير الأطباء فترة وجيزة؛ إذ استدعى الوالي بوغوص مرة ثانية، وأعاده إلى منصبه الأول فظل يشغله طول حياته، وخلفه أرتين بك.
ولما كان هؤلاء التراجمة
Intérpretes
لا يفارقون الوالي، اكتسبوا نفوذا عظيما حتى إن بوغوص بك صار وزيرا للشئون الخارجية وللتجارة، وكان محمد علي يستشيره في أهم مسائل الدولة، ويطلق له الحرية التامة في تصريف كثير من الأمور الداخلية، أما عثمان نور الدين (باشا) الذي أحبه الوالي حبا أبويا وأرسله إلى أوروبا ليتعلم اللغات والعلوم فقد خالط بعد عودته إلى مصر كثيرا من السياح الذين كان يصحبهم في رحلاتهم، فأعجبوا بذكائه النادر وإلمامه باللغات، ولا سيما اللغة الفرنسية، وسما بسرعة إلى أعلى المناصب حتى صار أميرا للبحر وقائدا للأسطول المصري. (2) الترجمة في خدمة البلاد
كان محمد علي باشا حكيما في تصرفاته. استدعى الأجانب في بادئ الأمر؛ فقام فريق منهم بأعمال الإدارة والقيادة على حين قام فريق آخر بتثقيف الشعب، وصرف لهم المرتبات الضخمة، وسهر على سلامتهم ورفاهيتهم، وأمر رعاياه باحترامهم والإذعان لنصائحهم، وكانت فكرته الأساسية استخدامهم «معلمين بالنيابة» يحل محلهم الوطنيون بالتدريج، وقد أدى وجود هؤلاء الأجانب واستخدامهم في الحكومة المصرية إلى تنشيط حركة الترجمة والعناية بالمترجمين؛ إذ شملتهم الحكومة بعطفها بالنظر إلى قلتهم، كما أنها بذلت جهدها لتكوين طائفة منهم، وإنشاء قلم للترجمة كي ينتظم العمل ويزداد الإنتاج.
واجتازت حركة الترجمة في عهد محمد علي ثلاث مراحل: (2-1) المرحلة الأولى: من أول العهد الجديد إلى سنة 1830 تقريبا
بدأت الترجمة تشغل اهتمام محمد علي باشا عندما قرر تزويد جيشه النظامي بالعناصر الأهلية المثقفة. فأنشأ المدارس الفنية، وأدخل على التعليم تعديلات جوهرية تتمشى مع روح المدنية الأوروبية. ثم أتى بجمهرة من الأساتذة الإفرنج وقلدهم وظائف مهمة في الجيش والمدارس والمصالح، وكان من المستحيل بطبيعة الحال على هؤلاء الأجانب أن يقوم التفاهم مباشرة بينهم وبين الموظفين والتلامذة، إذ كانوا يجهلون لغة البلاد كما كان الأهالي يجهلون لغة الإفرنج؛ لذلك اتخذت عدة إجراءات لتيسير العلاقات بين العنصرين والإسراع في العمل والإنتاج، منها:
ترجمة الكتب المدرسية الإيطالية والفرنسية إلى اللغة العربية أو التركية
Página desconocida
استخدم محمد علي لهذا الغرض بعض النازلين من السوريين والغربيين.
قلة الأيدي العاملة:
إلا أن الأيدي العاملة كانت نادرة، وكان العمل غير منتظم، فقرر لمواجهة المشكلة الأولى، وهي قلة الأيدي العاملة، عدم نقل المؤلفات في وقت واحد، فكلف المترجمين التدرج في نقلها على حسب الحاجة.
8
إعادة طبع الكتب المترجمة في الآستانة:
ثم قرر أيضا إحضار الكتب الفنية التي ترجمها علماء الآستانة إلى اللغة التركية، وإعادة طبع عدد غير قليل منها بمطبعة بولاق، كما يتضح ذلك من الكشف المفصل الذي أرسله الدكتور «بيرون» والمسيو «بيانكي» إلى المجلة الآسيوية بباريس؛ وقد نشرته المجلة في عدد شهري يوليو وأغسطس سنة 1843، وبه أسماء الكتب العربية والفارسية والتركية المطبوعة ببولاق، ولم يكن هذا الإجراء إلا حلا مؤقتا لا يفي بحاجة المدارس.
تعدد لغات التدريس:
ومما زاد المشكلة عسرا عدم ثبات الحكومة على سياسة مستقرة بشأن التعليم؛ إذ لجأت إلى دول مختلفة لتحصل على الكتب المدرسية والمدرسين. فتعددت بذلك لغات التدريس، وزادت مهمة المترجمين صعوبة ومشقة. «اتجهت أنظار الحكومة أولا إلى إيطاليا فاستدعت منها الأساتذة والضباط، واختارت من المؤلفات ما قام بترجمته أعضاء بعثاتها، ولم يعرف من أعضاء البعثة الأولى إلى إيطاليا في سنة 1813 إلا نقولا مسابكي وقد تخصص في فن السبك والطباعة»،
9
ولما أخذ النفوذ الإيطالي يضعف في مصر واحتل الفرنسيون شيئا فشيئا مركز الإيطاليين الثقافي، ألغي تدريس اللغة الإيطالية في المدارس، وأبعد كثير من الضباط والمدرسين الإيطاليين، وعين الدكتور كلوت بك ناظرا لمدرسة الطب، وصار معظم المدرسين فيها من الفرنسيين يلقون محاضراتهم باللغة الفرنسية، ويوصون بترجمة الكتب الفرنسية، وكانت قد سافرت بعثة أخرى سنة 1818 إلى أوروبا فاتجهت إلى فرنسا بدلا من إيطالية، ولم يعرف من أعضائها سوى عثمان نور الدين الذي كلفته الحكومة عند عودته إلى مصر بأعمال الترجمة؛ لقلة المترجمين، وخصصت له قصر إسماعيل باشا، وألحقت به بعض المترجمين؛ فقدم إلى العلم خدمات جليلة، وإلى الحكومة معونة نفيسة في ترجمة المكاتبات الرسمية.
Página desconocida