Movimientos de Reforma y Centros Culturales en el Oriente Islámico Moderno
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
Géneros
أما الظاهرة الثالثة فكانت تمثلها نهضة ثقافية علمية، بدأت تباشيرها تظهر في مصر في أواخر القرن الثامن عشر، وكانت هذه النهضة تلقائية، بمعنى أنها نبتت نباتا داخليا في مصر، ولم تكن متأثرة بأي مؤثر خارجي شرقي أو غربي، وكان يمثلها مجموعة من رجال الفكر المصريين لم تعرف مصر شبيها لهم في القرون الثلاثة السابقة؛ ففي ميدان الدراسات الرياضية والفلكية ظهر الشيخ حسن الجبرتي، وفي ميدان الشعر والنثر ظهر رجال كالشيخ محمد الشبراوي والشيخ حسن العطار - وقد وليا مشيخة الأزهر - والشيخ إسماعيل الخشاب، وفي التاريخ ظهر الشيخ عبد الرحمن الجبرتي، وفي ميدان الدراسات اللغوية والدينية ظهر السيد محمد مرتضى الزبيدي، وكان من الممكن أن تسير هذه النهضة في طريقها وتتطور تطورا طبيعيا، وأغلب الظن أن هذا التطور كان سيأخذ شكلا بعثيا إحيائيا، بمعنى أن هذه النهضة كانت ستعمل على بعث أمجاد الماضي العلمية، ونشر التراث القديم.
غير أن النهضة التلقائية أصيبت بقطع أو انفصال وقتي عند مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر؛ فقد أتى مع الحملة عدد من العلماء الفرنسيين، وكان هؤلاء العلماء، بل كانت الحملة كلها تحمل معها إلى مصر مظاهر نهضة علمية مختلفة عن مظاهر النهضة المصرية اختلافا بينا في كل شيء. وزار نفر من العلماء المصريين المعهد الذي أنشأه العلماء الفرنسيون في القاهرة ، وزاروا المكتبة والمطبعة، وبهرهم ما رأوا، وبدءوا يفكرون ويقارنون بين ما في أيديهم من علم وما في أيدي هؤلاء الفرنسيين من علم.
2
وجلت الحملة عن مصر وحدثت اضطرابات، واستقر الأمر لمحمد علي واليا على مصر، وأدرك النظام الجديد أنه لا بد من النقل عن الغرب إذا كانت مصر تريد نهضة حقيقية تساير بها العالم، وفتحت المدارس الجديدة، وأرسلت البعثات إلى أوروبا، ووقفت حركة التأليف مؤقتا؛ لتبدأ حركة الترجمة،
3
ولتستمر طوال عصر محمد علي.
وخير من يمثل هذه النهضة الفكرية الثقافية الجديدة في مصر هو السيد محمد مرتضى الزبيدي، وخير من يمثلها في الشام هو الشيخ عبد الغني النابلسي، وسنحاول فيما يلي أن نرسم صورة لسيرة كل واحد منهما، ولجهوده العلمية.
الفصل الثالث
السيد محمد مرتضى - الحسيني الزبيدي
1145-1205ه/1732-1791م (1) السيد محمد نموذج المواطن المسلم في عصره
Página desconocida