36
وتوفي الجد عبد ربه فشيع في جنازة كبيرة لم يشترك فيها شمس الدين ولا سماحة. وعرف بعد ذلك أنه أوصى للفتى سماحة بخمسمائة جنيه. وطالب سماحة بميراثه ولكن أباه أبى أن يسلمه إياها إلا أن يبلغ رشده. وشدد الرقابة عليه حتى عانى الفتى حياة مريرة. وذات مرة حانت من شمس الدين نظرة إلى الفتى وهما يعملان في الحظيرة، فضبط في عينيه نظرة جدباء انقبض لها صدره، فقال لنفسه: الولد لا يحبني!
وتنهد مغتما وقال: لا يدرك الأحمق أنني أعمل لما فيه خيره.
37
وتدافعت الأحداث مثل زبد النهر الأغبر. ولاحظ شمس الدين ذات صباح وهو يحتسي قهوته في بيته قلقا أسود يلف عفيفة ونور الصباح، فخفق قلبه وتساءل: سماحة؟!
فتلقى صمتا مريبا ضاعف من أحزانه، فسأل بحدة: ما الجديد من متاعبه؟
بكت نور الصباح وقالت عفيفة بنبرة متشنجة: ليس في البيت. - رجع إلى التسلل؟ - بل غادرنا! - هرب؟
ومضى مشحونا بسوء الظن إلى السحارة، فاكتشف اختفاء الميراث فصاح: لص أيضا!
فقالت أمه: حلمك يا بني إنه ماله.
فقال بإصرار: لص هارب!
Página desconocida