فتساءل شمس الدين محتدا: من وراء ظهري؟!
وضرب الأرض بعصاه العجراء واندفع في الظلام.
أتبعه سعيد الفقي عينيه حتى اختفى، ثم تمتم ساخرا: أيها العجوز المخرف الذي يبول على نفسه!
55
بدأت المعركة قبل وصوله بدقائق. رآه بعض رجاله فصاحوا: شمس الدين الناجي!
الزفة تفور بضربات النبابيت. سليمان يفعل الأعاجيب. فتوة العطوف يحمل حملات صادقة تزلزل الرجال.
اندفع شمس الدين بلهفة إلى قلب المعركة. وثب برشاقة أمام ابنه سليمان فصار وجها لوجه مع فتوة العطوف. تفادى من ضربة شديدة، ثم وجه ضرباته السريعة في خفة وحذر. امتلأ بقوة عجيبة لا يدري من أين جاءته، فقاتل كخير ما قاتل من قبل. تجلى مندفعا فياضا ملهما شديد البأس. تضاعف حماس رجاله وتصاعدت جعجعة النبابيت. وثمل بنشوة القتال فخلق المعجزات. أصابته ضربات لم تعجزه ولم توقفه. ونال من خصمه ضربة أخرجته من النضال. وسرعان ما تفشى الخور في رجال العطوف وأخذوا يتقهقرون.
وما هي إلا ساعة حتى انقلبت الزفة مأتما. تحطمت الكلوبات وديست الورود وتحطمت المزامير والدفوف، ولاذ الرجال بالهرب.
وقف شمس الدين وهو يلهث والدم يخضب جبهته. التف حوله رجاله. وجاء سليمان فلثم يده، ولكنه قال له: لي معك حساب.
فقال سليمان معتذرا: إنه الوفاء لا الغدر.
Página desconocida