La verdad: un mensaje que incluye respuestas para probar la doctrina de Darwin sobre el origen y la evolución
الحقيقة: وهي رسالة تتضمن ردودا لإثبات مذهب دارون في النشوء والارتقاء
Géneros
وأما قوله: إن كون الحياة لا تفرق في الطبع عن القوى الطبيعية والكيماوية يلزم منه تبيين إمكان تركيب العناصر والقوى تركيبا جديدا يظهر ظواهر الحياة فيها؛ فإن كان المقصد منه إمكان ذلك طبيعيا، فهو حاصل، وبيانه في المواد الطبيعية المركب منها الحي بقوة ملازمة غير مفارقة إلا مفارقة عارضية. وأما إن كان مقصده أن نخلق له بالوسائط التي لنا في بواتقنا رجلا أو فيلا؛ فهذا لا يمكن، وهو شرط غير ضروري، وأما إيضاح الأعمال الحيوية بالقوى الطبيعية المعروفة، فأظن أن البيولوجيا والفيزيولوجيا فيهما من ذلك ما يكفي للاقتناع.
وأما قوله: إن التولد الذاتي لا يمكن بحجة أنه لم يعلم إلى الآن متولد ذاتي متفق عليه، فهذا على فرض صحته لا يوجب كونه لم يمكن، وقوله: إن الباثيبيوس لم يكن إلا راسبا من كبريتات الكلس، وأن السفينة تشالنجر لم تعثر عليه، فمردود عليه، أولا: بما أظهر هكل فيه من تلونه بأحمر إذا أضيف إليه راسب الدودة، وبأصفر إذا أضيف اليود وحامض النتريك، وذلك لا يحصل في راسب بسيط من كبريتات الكلس، وثانيا: أن السفينة بولارس التي سارت بعد تشالنجر قد اكتشفت مادة بروتوبلاسمية تختلف عن الباثيبيوس بعدم وجود شيء من التجمعات الكلسية فيها، وسماها الدكتور إميل بسلس بروتوباثيبيوس، فإن كان هذا محور الخلاف - ولا أظنه كذلك - فهذه ضالتنا قد وجدت، وما ذكره من أقوال العلماء لا يستفاد منه سوى أنهم يتعجبون ولا يدركون كيف تحصل الحياة، وأي سر من الأسرار الطبيعية يدركونه، أو لا يتعجبون منه ولا يستفاد منه؟ إنهم يوافقون الحيويين فيما يقولون.
وأما قوله: إن الأجسام الأولى الحية على افتراض تولدها من الجماد بواسطة القوة الطبيعية المحضة فلا يتم لها ذلك؛ لأنها لا تقدر أن تغتذي من المواد الجمادية رأسا، فلو تأمل قليلا لوجد أن تغذية الأجسام الحية - على فرض صحة افتراضه - تحصل من المواد الآلية التي تتكون رأسا من الجماد كالألبيومن والفيبرين وغيرهما، وربما كانت هي نفسها التي تظهر فيها الحياة أولا، ويجب أن يكون كذلك، وهي بالحقيقة حلقة تولد الحي من غير الحي، فمن يرى ذلك كله ربما يحسب جسورا مقتحما إذا تنبأ بأن العلم سيصل بعد خمسين سنة، بل خمسمائة سنة إلى أن يخلق حيا يسعى.
ولكن بلا شك يحسب جبانا مرتعدا إذا كان لا يعتقد بأن الأنواع متكونة بالاستحالة لا بالجراثيم، وأن الحي متحول عن غير الحي، ويستحيل غير ذلك، فلو افترض أن الحياة مجردة عن المادة لوجب أن تكون هي العامل في تركيب محلها وتحليله، والحال أن وجودها فيه متوقف على وجوده، وهو لا يكون قبل تركيبه لتوقفه عليه، ولا بعد تحليله لانتقاضه به، فلو كانت هي العامل فيهما لكان عملها - والحالة هذه - قبل وجودها في الأول، وبعد عدمها في الثاني، وهو محال.
وأين الحكم في تجريد القوة الحيوية عن المادة، بعد علمنا أن كل ما هو كائن خاضع لنواميس أزلية في مادة هي كذلك؟ بل الحكمة في إلحاق هذه القوة بغيرها من القوى الطبيعية، والعلم أكبر شاهد على ذلك. وعليه فالقوة ملازمة للمادة، وكل قوة ملازمة للمادة طبيعية، والحياة قوة، فالحياة ملازمة للمادة، إذن الحياة قوة طبيعية، وتسميتها حيوية لا يغير شيئا من طبعها كتسمية بعض ظواهر القوى المعروفة في الطبيعة كيماوية، وعندنا أنها الجاذبية باعتبار الجاذبية أعم القوى، وباعتبار الحياة في أبسط ما تكون عليه.
هذا وإن الحياة مسألة من ضمنها مسائل لا يفي فيها النظر الإجمالي؛ لأنها تحتمل شرحا طويلا يضيق عنه ما خصص لمثلها في الجريدة، فربما ذكر الواحد شيئا وفاتته أشياء، فلا بد فيها من التفصيل والتبويب على الترتيب الذي يقتضيه الموضوع للوصول إلى إجماع معلوم، غير الإجماع على الإقرار بالقصور المشكور الذي هو أعم من أن يختص بالحياة، بحيث نتكلم أولا في الأنواع: أجرثومية هي أم تحولية؟ وفي الحياة: أقوة هي أم غير قوة؟ وفي القوة: أملازمة للمادة أم غير ملازمة؟ وفي المادة: أأزلية هي أم فانية؟ وفي الحياة كقوة ملازمة للمادة: أيصح أن تكون الجاذبية أم لا؟
فربما لم يكن بيننا خلاف في الواقع أو كان، ولكن لم يكن جوهريا، ونحن نتوهمه كذلك، إلا أن البحث هكذا ربما يطول، وأخاف أن يملنا القراء فنسأل لهم صبرا جميلا، ولنا عفوا كريما، ولكن ربما كان يطول أكثر بغير ذلك، وأنا متيقن بأن جناب الخصم في المباحثة، والصديق في المودة، يسر بذلك لما يعهد فيه من الذكاء، فموعدنا إذن إلى العدد الآتي. والسلام.
بعض ملاحظات في الحياة
(1) قابلية التهيج
من أهم مباحث الفيزيولوجيا العامة معرفة أعمال الكرية الحية؛ لأن جميع الأنسجة المؤلفة منها الأجسام الحية مرجعها إليها، وأهم أعمال الكرية الحية قابليتها للتهيج، فمعرفة نواميس قابلية التهيج هي إذن معرفة نواميس الحياة.
Página desconocida