La verdad: un mensaje que incluye respuestas para probar la doctrina de Darwin sobre el origen y la evolución
الحقيقة: وهي رسالة تتضمن ردودا لإثبات مذهب دارون في النشوء والارتقاء
Géneros
إلا أن هذا القول - وإن كان معقولا - يرد عليه اليوم اعتراضات كثيرة يصعب دفعها، وهو - وإن صح - لا يفيد شيئا في إثبات النشوء الذاتي من الجماد رأسا؛ لأنه إنما هو كائن في الأحياء وواقع تحت فعل الحياة نفسها، فلا بد لنا إذن من تدقيق النظر في هذا الموضوع من وجه آخر، فنقول: ذكرت النشرة الأسبوعية في العدد 97 من السنة الماضية انقراض جيل من الناس من أعظم الأجيال كان يعرف بالغنش، وموطنه الأصلي جزائر كناري، قالت: وكانت علة انقراضه ما مني من الأوبئة والعبودية وجور السبانيين في القرن السادس عشر. ا.ه.
وذكر الطبيعيون كذلك انقراض كثير من أنواع الحيوان منذ التاريخ، فالدينورنيس انقرض في زيلاندة الجديدة، والأبيورنيس في مدكسكر، والدرنت وعدة أنواع من السلاحف في جزائر سكارينا، وقد قل الأرخس في أوروبا كثيرا، وبعض أنواع البال انقرض من بحارنا، والأبتريكوس والستريكبس يقلان بسرعة في زيلاندة الجديدة،
1
وانقرض كذلك أجيال كثيرة من البشر غير من ذكر، وذكروا أسباب ذلك أيضا، وليس فيما ذكروه منها شيء فائق الطبيعة. ولما كان يعلم أن العصر الحالي لا يختلف عن العصور السالفة، كان انقراض الأجيال الأحفورية القديمة قبل التاريخ ينسب إلى أسباب مثل هذه الأسباب، أي إلى أسباب طبيعية كذلك.
ثم يعلم كذلك أن الأنواع الأحفورية المنقرضة قديما قد عوض عنها بأنواع أخرى، فلا بد إذن من التعويض عن الأنواع المنقرضة اليوم كما عوض عن تلك، اللهم إلا أن يكون عالم الأحياء سائرا اليوم نحو الانقراض الكلي. وهذا لا يعقل ولا يسلم به أحد، ولا بد في هذا التعويض من أحد وجهين: إما بالتدريج، أي بتحول الأنواع الموجودة تحولا بطيئا متدرجا، وإما فجأة، فإن لم يكن بالتدريج فلا بد من أن يكون بالخلق أو بالنشوء، أي التولد الذاتي، وفي كليهما لا بد من تكون الذكر والأنثى في الحيوانات العليا، خاصة من غير أبوين.
ولا يخفى كيف أن تعب بوشه وجولي وموست وبستيان وغيرهم لتوليد الأحياء الدنيا ذاتيا قد ذهب سدى، وكيف أن باستور قد بين استحالة ذلك في الأحياء الميكروسكوبية، فمن يصدق به يا ترى في الأحياء العليا؟ واستعمال لفظة الخلق عوضا عن التولد الذاتي لا يزيل الصعوبة؛ لأن الإرادة الخالقة لا تظهر لنا إلا بأفعالها، والعلم لا يستطيع أن يصعد إلى تحقق ما وراء هذه الأفعال.
فالخلق عنده باعتبار التعريف كالتولد الذاتي، أي نشوء حي من لا حي، ولا بد من حدوث ذلك في يوم معين ومكان معين، فما قولك فيمن يقول: إني في يوم كذا، وساعة كذا، رأيت أسدا أو فيلا نشأ وشب من الأرض، وهل يصدقه أحد؟ فالعقل لا يجسر أن يقول بالتولد الذاتي إلا بعد أن يسميه خلقا، ولا بالخلق إلا بعد أن يؤخره إلى زمان تحسب معه الأزمنة الميتولوجية كأمس، فكيف يكون إذن هذا التعويض عن الأنواع المنقرضة إن لم يكن بالتولد الذاتي في الأحياء العليا كما ذهب إليه ليل؛ لأنه والحالة هذه أصعب من الخلق، ولا بالخلق المتعاقب؛ لأن انقراض الأنواع - كما يعلم - حادث بالتدرج؟ فالتعويض عنها يقتضي أن يكون بالتدريج كذلك، وليس فيما يعلم ما يؤيد به مثل هذا التعويض، فلم يبق إلا أن يكون بتحول الأحياء وتكون الأنواع بهذا التحول - كما مر في الكلام على مذهب دارون - ولو لم يكن في هذا المذهب سوى إيضاح هذه القضية إيضاحا شافيا لكفى به فائدة للعلم.
قال «بلانشار» - من مقالة في أصل الحياة في جريدة العلم الفرنسوية بتاريخ 7 شباط سنة 1885 ما يأتي:
على أن بعض الفلاسفة يذهبون إلى أن الأرض التي كانت في البدء قاحلة وغير مسكونة إنما عرضت فيها الحياة مما أتاها من الجراثيم من بعض الكواكب المصطدمة بها، وهو قول محتمل، إلا أنه غير مقنع، ويظهر لنا أنه لا يحل المسألة، وإنما يزيدها ارتباكا، فإن لم تكن الحياة قد ظهرت على الأرض ذاتيا بفعل أحوال طبيعية وكيماوية، فيلزم أن تكون قد ظهرت ابتداء على أحد كواكب نظامنا الشمسي، وخصوم التولد الذاتي الذين يتعلقون بجبال هذا التعليل كالملجأ الأخير لهم إنما يبعدون حل هذه المسألة، ولا يأتون فيها بتعليل شاف.
ولا يخفى أن الحل الطيفي الذي استطعنا بواسطته أن نعلم تركيب الكواكب الكيماوي أرانا أن هذه الكواكب متكونة من نفس المواد المتكون منها سيارنا، فالصوديوم والمغنيسيوم والهيدروجين والأكسجين والكربون والكلسيوم والحديد والتلوريوم والبزموث والأنتيمون والزئبق ... إلخ موجودة هناك كما هي موجودة هنا. وقد علم كذلك من فحص الحجار الجوية أن هذه الأجسام تتحد هناك كما تتحد في أرضنا، فلا بد إذن من أن تكون الأحياء الأول قد تكونت فيها من مواد جامدة شبيهة بموادنا.
Página desconocida