La verdad: un mensaje que incluye respuestas para probar la doctrina de Darwin sobre el origen y la evolución
الحقيقة: وهي رسالة تتضمن ردودا لإثبات مذهب دارون في النشوء والارتقاء
Géneros
وأما العام فارتقاء مطرد للزوم مناسبته لسائر الأحوال، ونتيجة ذلك كله الارتقاء عموما، ولا ينكره إلا من يجهل مبادئ التاريخ الطبيعي، ولا يدري حقيقة مذهب دارون، أو يعلم ولا يريد أن يعلم، أو يدري ولا يريد أن يدري، فقول أصحاب مذهب دارون: إن الارتقاء غالب لا مطرد إنما يعني به ارتقاء الأفراد، وإلا فالارتقاء مطرد. وما استشهد به من كلام بخنر توهم منه أو تصرف في المعاني، وإلا فهذا كلام بخنر في ذلك، قال: «فالنمو إلى الكمال يصاحب الفرد غالبا لا دائما.» فآراء القوم ليست كما ادعى مجموع فروض وتصورات وأوهام - ويا ليت شعري بماذا يجيب لو وقف موقف المطالب بالبينة عن حقيقة دعواه.
والطبيعة بذلك لا تفعل لغاية كما توهم، حيث قال في بعض كلامه ما معناه: إن الماديين يثبتون القصد للطبيعة وينفونه عن سواها، فما هذا الخبط؟ وهل يبلغ التواء الفهم هذا المبلغ فيمن نصب نفسه في مقام المعترض؛ فالماديون بل الطبيعيون أجمع لا يثبتون للطبيعة قصدا ولا غاية، وإنما يثبتون لها أعمالا لازمة ضرورية لنواميس معلومة، والارتقاء لا يخرج عن هذا الحكم، فإنه لما كان التنازع يحصل لوجود الاختلاف في قابليات الأحياء المتنوعة، والأحوال الخارجية، كان لا بد من الانتخاب الطبيعي، أي بقاء البعض وزوال البعض، ونتيجة ذلك في كل الأفهام بقاء الأنسب، ونتيجة النتيجة الارتقاء عموما.
ولو كانت الطبيعة تفعل لقصد، أو لو كان القصد موجودا في أعمالها لما اقتضى أن يحصل فيها شيء من الوقوف أو التقهقر، ولوجب أن يشمل الارتقاء كل متولداتها، فسيرها المعرج من أقوى الأدلة على نفي القصد فيها من كل نوع، وإثبات الضرورة، أيحتاج بعد ذلك إلى دليل على كون الارتقاء أمرا طبيعيا واجبا ضروريا لا قصد فيه ولا غاية؟
وهنا ملاحظة لا يحسن الإغضاء عنها، وهي متحصلة من إقراره في إنكاره الارتقاء بأن الأحياء قديمة جدا، أي منذ آلاف وربوات من السنين عملا بشهادة الجيولوجيين والبالينتولوجيين الذين استند إليهم، فإنكاره الارتقاء لم يثبت، وإنما ثبت عليه التسليم بأن الأحياء أقدم جدا مما يعتقد هو والمذهب المنتصر هو له، اللهم إلا أن يعود يكر ثانية على هؤلاء العلماء كرته على أصحاب مذهب دارون، ويطعن تعاليمهم وتعاليم سائر علماء الأرض بأشعة إيمانه، ويذبحها بقواطع برهانه، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
الفصل السادس
في الأدلة على الارتقاء والتسلسل
أدلة الارتقاء كثيرة جدا، نذكر منها تقسيم الأعمال في الأحياء، فكلما ارتقى الحي تقسمت الأعمال، وتميزت الأعضاء القائمة بها، وهو واضح، فتقليل عدد الأعضاء المتماثلة يعد ارتقاء. قابل الحيوانات المفصلة الدنيئة ذات الأرجل الكثيرة بأنواع الرتيلاء التي لها ثماني أرجل، وبأنواع الذباب التي لها ست، وقلة عدد الأرجل في الحلقية ارتقاء، وكثرة عدد الفقرات المتماثلة في الأسماك والنصف مائية تأخر؛ ولذلك فهي دون الطيور وذوات الثدي، وعلى هذا الناموس الأزهار الكثيرة العسب أنقص من الأزهار الشبيهة بها والتي عسبها قليلة، وبالجملة كلما نقصت الأعضاء المتماثلة في الحي عد ذلك فيه ارتقاء.
ومن الأدلة أيضا الحالة الخنثوية، فإن هذه الحالة تكثر كلما هبطت في دركات سلم الأحياء، وتقل كلما ارتفعت في درجاته حتى يستقل الذكر والأنثى كل منهما في فرد وحده، قال مكس وبر في جريدة العلم الفرنسوية بتاريخ 20 أيلول سنة 1884 ما نصه:
ومما ينبغي اعتباره أن الحالة الخنثوية الكثيرة في الأسماك تقل كلما ارتفعت في سلم ذوات الفقر؛ إذ يتضح تمييز الجنس أكثر فأكثر، على أن بعض النصف مائية كالعلجوم الذي هو بالحقيقة خنثى، فإن فيه غدة غير صغيرة أمام الخصية هي - بالحقيقة - مبيض، وبيوضه صحيحة التكوين، لكنها لا تلقح ولا تبلغ درجة النضج.
قلنا: وهذا دليل من ألوف على سبب الأعضاء الأثرية ، وعلى الانتقال والارتقاء.
Página desconocida