La verdad: una introducción muy corta
الحقيقة: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
z
تمثل الأبعاد المكانية الثلاثة، و
t
يمثل البعد الزمني، وقد عثر الرياضيون على طريقة لاختزال الأرقام إلى شيء أكثر جوهرية؛ المجموعات. وللقيام بذلك، يستعيضون عن الرقم صفر بالمجموعة الخالية (مجموعة خالية من العناصر)، وعن الرقم 1 بالمجموعة التي تحتوي على المجموعة الخالية فقط، ورقم 2 بالمجموعة التي تحتوي على المجموعة التي تحتوي على المجموعة الخالية، وهكذا. وعندئذ نستطيع أن نبين أن كل خصائص الأرقام تنطبق على هذه الأرقام البديلة المصنوعة من مجموعات.
يبدو الأمر كأننا قد اختزلنا العالم المادي المحيط بنا كله في مصفوفة معقدة من المجموعات؛ لهذا السبب، من الأهمية بمكان أن نعرف الماهية الواقعية لهذه الكائنات الرياضية التي يطلق عليها «المجموعات». هناك رؤيتان للكائنات الرياضية المهمة في هذا السياق؛ أولا: هناك الرؤية التي تعتبرها كائنات أفلاطونية؛ وهذا يعني أن الكائنات الرياضية ليست كغيرها من الكائنات الأخرى التي نقابلها؛ فهي ليست مصنوعة من المادة، ولا توجد في المكان أو الزمان، ولا تتغير، ولا يمكن إنشاؤها أو تدميرها، ولا يمكن إلا أن تكون موجودة. ووفقا للفهم الأفلاطوني، توجد الكائنات الرياضية في «عالم ثالث»؛ عالم منفصل عن عالم المادة، من ناحية، ومنفصل عن عالم الكيانات العقلية، كالمدركات والأفكار والمشاعر، من ناحية أخرى.
ثانيا: لدينا رؤية للكائنات الرياضية ككائنات عقلية بطبيعتها في الأساس، فهي من النوع نفسه للأشياء الأخرى التي تمر عبر عقولنا؛ الأفكار والخطط والمفاهيم والآراء. إلا أنها ليست ذاتية بالكامل؛ إذ إنها موجودة في عقول الأشخاص الآخرين تماما كما هي موجودة في عقولنا؛ ولذا إذا ما تحدثنا عن نظرية فيثاغورس، فنحن جميعا نتحدث عن الشيء نفسه. ولكن الكائنات الرياضية ليس لها وجود خارج العقول التي تنشأ فيها.
ونخلص في كلتا الرؤيتين إلى نتيجة طريفة، فإذا كان العالم يتكون في الأساس من مجموعات، وإذا كانت المجموعات ليست مادية ، وإنما كيانات أفلاطونية غريبة، فإن الكائنات المادية قد اختفت تماما من المشهد ولا يمكن أن تكون واقعية وفقا لتعريف السلحفاة. وإذا ما تتبعنا الاختزال العلمي إلى النهاية، فسوف ينتهي بنا الأمر بأشياء لا تشبه الحصوات الصغيرة أو كرات البلياردو بالتأكيد، ولا حتى تشبه الأوتار المهتزة في المكان المتعدد الأبعاد، وإنما تشبه ما تتعامل معه الرياضيات البحتة.
هذه الفكرة مشروحة بتفصيل معقول في النظرية التي تقضي بأن العالم المادي نفسه هو نتاج أحد أجهزة الكمبيوتر العملاقة. وتستند بعض الآراء في هذا الصدد إلى فكرة أنه على الرغم من أن سلوك الجسيمات على المستوى الكمي من الصعب جدا فهمه في ظل الأجسام المتوسطة الحجم مثل البلي وكرات البلياردو، فإن فهمها بوصفها نتاج برنامج ما أسهل بكثير من نواح عديدة.
والكائنات المتعددة التي تدرسها ميكانيكا الكم لا يمكن تمييز بعضها عن بعض؛ فكل إلكترون يشبه تماما كل الإلكترونات الأخرى سواء كان أحد إلكتروني ذرة الهيليوم، أو واحدا من تسعة وسبعين إلكترونا في ذرة الذهب. ومثل هذا التشابه لا يحدث عادة في عالمنا اليومي. وقد تحدى لايبنيتس جمهوره في حدائق الأميرة صوفي تشارلوت أن يجدوا أي ورقتي شجر متشابهتين تمام التشابه، ولم يستطع أحد من الجمهور الفوز في هذا التحدي. ومع ذلك، إذا كتبت اسم «لايبنيتس» على الكمبيوتر الخاص بك، فستجد حرفي «ياء» متشابهين تمام التشابه سواء وقعا بين الألف والباء أو بين النون والتاء. يرجع هذا إلى أن كل حروف «الياء» يتم إنتاجها بواسطة الإجراء نفسه في برنامج الكمبيوتر؛ ومن ثم يمكن للمرء أن يقول إن الإلكترونات وما يشابهها من أشياء يمكن صنعها بالطريقة نفسها بالكمبيوتر، الذي تقوم عملياته الحسابية بإنتاج العالم.
ثمة حقيقة أخرى مربكة؛ وهي أنه على الرغم من أن شكلية ميكانيكا الكم تربط دالة موجية بكل كائن، فإن هذه الموجات مختلفة عن الموجات العادية؛ إذ إنها لا تسري في وسط معين. يمكن فهم الموجات التي تسري في الماء أو الهواء في ظل الإزاحة المؤقتة لأجزاء وسطها (أي جزيئات الماء والهواء ). لكن بالنسبة للموجات من منظور ميكانيكا الكم، هذا التفسير غير ممكن؛ نظرا لعدم وجود كائنات جوهرية أساسية لإظهار السلوك الموجي. ولكننا إذا فهمنا الموجة كشيء مشفر في ذاكرة الكمبيوتر، أو بعبارة أخرى كسلسلة من أرقام الصفر والواحد، فليس هناك داع أن نفترض أنها لن تنتقل إلا بواسطة شيء يتموج.
Página desconocida