La Bolsa Azul
الحقيبة الزرقاء: رواية عصرية أدبية غرامية
Géneros
وقد اختلس فرصة موافقة في خلال حديثه معها وسألها: هل يتسنى لي أن أراك كثيرا؟ - في الأوبرا مساء الغد أقول لك أين تراني بعد ذلك. - هل لي أن تذكري الأماكن التي يمكن أن أراك فيها تكرارا؛ حتى إذا لم أكن على ميعاد اهتديت إليك بالإلهام أو بالبحث؟ - في «هيد بارك» في طريق ن. وفي سباق دربي غالبا ...
انقضى النهار وانصرف ذلك الجمهور، حتى إذا دخلوا ضواحي المدينة تفرقوا كل إلى منزله.
أما إدورد فذهب إلى مرقده محفوفا بسعادة روحانية، لم يكن يتصور من قبل أنها توجد في العالم المادي. لويزا بنتن التي تتهافت إليها ألوف من القلوب تكاد تهبه قلبها أو أنها وهبته، تفاهما بلغة الهوى تماما ولم يبق أمامها إلا أن يختما الحب بلثمة مشتركة بين شفاههما، ثم ماذا بعد ذلك؟! أيقدر أن يقول لها يوما ما: «زوجتي»؟ خطر له هذا السؤال، ولكن كما يخطر المستحيل على فكر اليائس العاقل؛ ذلك لأنه كان يقال إن اللايدي بنتن لا تزوج ابنتها إلا لوردا محافظة على عادة النبلاء السلفاء. ولذلك كان يقول إدورد في نفسه: «أحبها وتحبني وحسبي.» أما ماذا بعد ذلك فلا يدري، وأبى أن ينظر إلى ما بعد لئلا يكون في نظره هذا ما يحزنه.
وكان كل يوم بعد آخر يلتقي بها في الأوبرا، أو في السباق أو في «هيد بارك»، أو أنه يلاقيها على ظهر جواده إذ تكون مع أخيها على جواديهما في طريق «مونتمار»، وكان روبرت يدعوه إلى كل حفلة تعقد في قصر كنستون حافلة كانت أو مقتصرة على الأخصاء. وكان اللورد واللايدي بنتن يستلذان عشرة إدورد وحديثه جدا، ويعجبان بعلمه وأدبه، ويثنيان على سماحة خلقه؛ ولهذا كان يسرهما جدا أنه عشير ابنهما روبرت، وعليه كان يختلف كثيرا إلى القصر ويشعر أنه في بيت أخيه أو قريبه.
إذا اجتمع الحب والذكاء في شخص واحد كان ذلك الشخص خلاصة الإنسانية نقية من كل شائبة مجردة عن كل كثافة بحيث تظهر صافية. فلا عجب أن يظهر إدورد في قصر كنستن مثال الجمال العقلي، ويسطو على كبرياء اللايدي بنتن، بحيث لا تجسر أن تخشى على قلب ابنتها منه. كان إدورد عشير لويزا بل عشيقها وهي عشيقته من غير أن تتنبه الظنون لهما، تلك هي فائدة قيادة الحب بيد الذكاء.
تسنى لإدورد أن يرى لويزا أيان شاء تقريبا، وقد اجتمع بها أضعاف ما كان يتمناه ويعده مستحيلا، وقد شرحا سفر هواهما وعلقا على هوامشه الحواشي، ولم يبق ذلك السفر الطويل ناقصا إلا الخاتمة ولكن كانت تلك الخاتمة تتراءى لكل منهما أعز من تناول الطفل القمر.
الفصل التاسع
وعد بمجهول
ذلك كان شأن إدورد في هوى لويزا، وأما شأنه مع خاله ولا سيما مع أليس فكان على الضد، كانت أليس تلاطفه إلى حد التذلل، وتتوسل إليه لأجل كل أمر، وتستعطف فؤاده بأساليب لطيفة في خلال أحاديثها معه، ولكن تلك التوسلات والاستعطافات كانت تنزل على قلبه كالكحل (السبيرتو) الحاد فتصلب عضلاته وأوتاره ومصاريعه، خلافا لابتسامات لويزا فإنها كانت تنزل في فؤاده كإكسير الحياة.
على أن أليس علمت مع الأيام أن إدورد مشغول بحب مس بنتن؛ لتعدد زيارته لقصر كنستن ولاجتماعه المتوالي باللورد روبرت صديقه، فكانت تتقد غيرة، ولكنها كظمت غيرتها وتجلدت وواظبت على محاسنته آملة أن سعيه إلى مصاهرة آل بنتن يخفق، فإذا ظلت تحاسنه لا يستصعب العودة إليها بعد الفشل من لويزا.
Página desconocida