Hechos del Islam y falsedades de sus oponentes
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Géneros
ولقد وصلنا بعد الرحلة الطويلة إلى القرن العشرين، فماذا نقول؟
نقول إن هذا في الحق هو حديث الخرافة الذي لا يعدو الألفاظ والعناوين وأسماء المدارس والمريدين.
لكن النوع الإنساني ترك هذه الأكاديمية قبل مائة قرن، وأمعن في طريقه الذي هداه إليه القدر وأعدته له الفطرة؛ ونتيجة هذا الطريق أنه أعطى الحياة النابضة لكل خلق من أخلاق الخير والشر والقداسة واللعنة، وأن علم العلماء اليوم لا يستطيع أن يقيم من الفوارق المحسوسة بين خلق وخلق فارقا واحدا كالفارق الذي نفهمه ونحسه ونحياه حين نتكلم عن الخلائق الإلهية والخلائق الملكية أو الخلائق الشيطانية، أو عما يجعلها من الخلائق السماوية أو الخلائق الأرضية أو الخلائق الجهنمية.
إن العلماء الذين يستعيرون تعبيراتهم المجازية من هذه الفوارق لا يفعلون ذلك لعبا بالألفاظ أو تظرفا بالتمثيل والتشبيه، ولكنهم يستعيرون ذلك التعبير لأنه أولى وأوضح وأقوى من كل تعبير يستعيرونه من المدرسة النفعية أو المدرسة السلوكية أو المدرسة الانفعالية ومدارس روح الجماعة أو تضامن الهيئات والبيئات، وما إليها من ألفاظ ناصلة ومعان حائلة وأسماء لم تخلق من مسمياتها شيئا، وهيهات أن تخلقه ولو تسمت بها مئات القرون ... وغاية ما تبلغه أنها تأتي إلى محصول القرون بعد زرعه ونقائه واستوائه وحصده، فتكتب العناوين على غلاته وبيادره، ولا تأمن بعد ذلك أن تضل بين تلك العناوين التي كتبتها بيديها.
فهذه الحقائق الوجدانية والقيم الروحية لا تقاس بمقياس الأرقام وأنابيب المعامل، ومن أراد أن يقيسها بهذا المقياس فهو الذي سيخطئ لا محالة، كما يخطئ كل واضع لأمر من الأمور في غير موضعه، وكل من يقيس شيئا وهو يجهل كيف يقاس ... •••
إن الإيمان شوق عميق من أشواق النفس الإنسانية ينساق إليه الإنسان بباعث من فطرته.
أما الشيء الذي يحتاج إلى أناة الفكرة ورحابة الصدر، وقياس كل حقيقة بما يناسبها من مقاييسها وخصائصها، فذلك هو النفاذ إلى أسرار الإيمان.
وكل العقائد الإيمانية سواء في حاجة إلى أناة الفكر ورحابة الصدر وحسن القياس للنفاذ إلى أسرارها، ولكن العقيدة في عمل الشيطان أحوج هذه العقائد جميعا إلى التسليم بسعة الحقائق، وتعدد المقاييس التي تكشف عن بواطنها وتنفذ إلى كنه مدلولاتها.
ومن حضرت في ذهنه سعة الحقائق وجد بين يديه صعوبة لا صعوبة مثلها في رفض فكر الشيطان، كما يرفضها أدعياء العلم الذين لو جروا على سننهم في إثبات الأشياء لرفضوا وجود المادة الملموسة عجزا منهم عن إدراك أصولها، وما أصولها إلا العناصر التي تنشق شعاعا متحركا في أثير لا وزن له ولا حجم ولا حركة ولا لون ولا طعم، ولا تعرف له صفة واحدة من صفات الأجسام بله الأرواح.
وما نعلم من شيء كهذه العقائد في بواعث الخير والشر قد تراءت فيه يد العناية الإلهية آخذة بيمين هذا الإنسان الضعيف - بل هذا الحيوان الجهول - تقوده من عماية الجهالة إلى هداية التمييز بين الفضيلة والرذيلة، وبين الحلال والحرام، وبين المفروض والمحظور.
Página desconocida