Hechos del Islam y falsedades de sus oponentes
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Géneros
وقد شرعت الحضارة اليونانية نظام الرق العام، كما شرعت نظام الرق الخاص أو تسخير العبيد في خدمة البيوت والأفراد؛ فكان للهياكل في آسيا الصغرى أرقاؤها الموقوفون عليها، وكانت عليهم واجبات الخدمة والحراسة، ولم يكن من حقهم ولاية أعمال الكهانة والعبادة العامة.
وانقضى على العالم عصور بعد عصور وهذا النظام شائع في أرجائه بين الأمم المعروفة في القارات الثلاث، ينتشر بين أمم الحضارة وقبائل البادية التي تكثر فيها غارات السلب والمرعى، ويقل انتشاره بين الأمم الزراعية عند أودية الأنهار الكبرى كوادي النيل وأودية الأنهار الهندية. إلا أن الأمم في الأودية الهندية كانت تأخذ بنظام الطبقة المسخرة أو الطبقة المنبوذة، وهي في حكم الرقيق العام من وجهة النظر إلى المكانة الاجتماعية والحقوق الإنسانية.
وعلى هذه الحالة كان العالم كله يوم مبعث الدعوة الإسلامية من قبل الصحراء ليس فيه من يستغرب هذه الحالة، أو من يشعر بحاجة إلى تعديل فيها حيث يكثر الأرقاء أو حيث يقلون.
ففي البلاد التي كثر فيها عدد الأرقاء كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية فيها مرتبطة بأعمال الرقيق في البيوت والمزارع والمرافق العامة؛ فلم يكن تغيير هذه الأوضاع مما يخطر على البال، ولم يكن تغييرها مستطاعا بين يوم وليلة، لو أنه خطر على بال أحد.
وفي البلاد التي قل فيها عدد الأرقاء لم تكن هناك مسألة حازبة أو معجلة تسمى مسألة الرقيق وتستدعي من ذوي الشأن اهتماما بالتغيير والتعديل.
وكان عدد الأرقاء قليلا في البادية العربية بالقياس إلى أمم الحضارة؛ إذ كان عددهم بين المسلمين الأوائل لا يزيد على عدد الأصابع في اليدين، فلم يكن بدعا من الدين الجديد أن يترك الحالة في الصحراء العربية - وفي العالم - على ما كانت عليه: حالة لا يستغربها أحد، ولا يفكر أحد في تغييرها أو تعديلها. ولكنه لم يتركها، ولم يغفلها، ولم يؤجلها بين الإغضاء والاستحسان لهوانها وقلة جدواها، بل جرى فيها على دأبه في علاج المساوئ الاجتماعية والأخلاقية: يصلح منها ما هو قابل للإصلاح في حينه، ويمهد للتقدم إلى المزيد من الإصلاح مع الزمن كلما تهيأت دواعيه.
ونحن نحب أن نلخص ما صنعه الإسلام في هذه المسألة قبل أربعة عشر قرنا في بضع كلمات: إنه حرم الرق جميعا، ولم يبح منه إلا ما هو مباح إلى الآن. وفحوى ذلك أنه قد صنع خير ما يطلب منه أن يصنع، وأن الأمم الإنسانية لم تأت بجديد في هذه المسألة بعد الذي تقدم به الإسلام قبل ألف ونيف وثلاثمائة عام.
فالذي أباحه الإسلام من الرق مباح اليوم في أمم الحضارة التي تعاهدت على منع الرقيق منذ القرن الثامن عشر إلى الآن.
لأن هذه الأمم التي اتفقت على معاهدات الرق تبيح الأسر، واستبقاء الأسرى إلى أن يتم الصلح بين المتحاربين على تبادل الأسرى أو التعويض عنهم بالفداء والغرامة.
وهذا هو كل ما أباحه الإسلام من الرق أو من الأسر على التعبير الصحيح، وغاية ما هنالك من فرق بين الماضي قبل أربعة عشر قرنا وبين الحاضر في القرن العشرين أن الدول في عصرنا هذا تتولى الاتفاق على تبادل الأسرى أو على افتداء بعضهم بالغرامة والتعويض. أما في عصر الدعوة الإسلامية فلم تكن دولة من الدول تشغل نفسها بهذا الواجب نحو رعاياها المأسورين، فمن وقع منهم في الأسر بقي فيه حتى يفتدي نفسه بعمله أو بماله، إذا سمح له الآسرون بالفداء.
Página desconocida