أو النفي ثم أقيم البرهان على ثبوتها، فالذي يحصل لنا هو الاذعان والقبول لتلك النسبة، وهو معنى التصديق والحكم والاثبات والإيقاع.
نعم تحصيل تلك الكيفية يكون بالاختيار في مباشرة الأسباب وصرف النظر ودفع (1) الموانع ونحو ذلك، وبهذا الاعتبار يقع التكليف بالإيمان وكان هذا هو المراد بكونه سببا (2) اختياريا، ولا تكفي المعرفة لأنها قد يكون بدون ذلك نعم يلزم أن تكون المعرفة النفسية المكتسبة بالاختيار تصديقا، ولا بأس بذلك انتهى.
أقول: يرد على علمائهم القائلين بكون الإيمان ليس معرفة وأنه معنى مغاير لها، أن يكون من حصل له العلم بالمعارف الإلهية عن إلهام، أو خلق علم ضروري بذلك، أو تصفية النفس، أو غير ذلك من أسباب العلم أن لا يثاب على إيمانه، ولا يكون مؤمنا، لأن الإيمان هو التصديق بالمعنى الذي زعموه، وهذا ليس كذلك، وبطلانه ظاهر كنار على علم (3)، نعم ما ذكروه من معنى التصديق هو اللغوي.
وأقول أيضا: الذي ظهر من كلام هذا الفاضل وما نقله من أن التفرقة بين المعرفة والتصديق إنما هي باعتبار أسباب الادراك، فإن كانت اختيارية كان ذلك الادراك تصديقا ومعرفة، وإلا فمعرفة، فالمعرفة حينئذ أعم من التصديق.
ويرد عليه أن المعرفة من أقسام العلم وليست تصورا، لأن الكلام في المعرفة التي هي قسم من الاعتقاد لا مطلق المعرفة، فيكون تصديقا لانقسام العلم إليهما.
وإلا لزم: إما أن لا يكون المعرفة المرادة هاهنا علما، أو كون التقسيم غير
Página 78