قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم (1) " فنفى ما زعموه إيمانا، وهو التصديق القولي، بل ما سوى التصديق الجازم، حيث لم يثبت لهم من الإيمان إلا ما دخل القلب.
ولا ريب أن ما دخل القلب يحصل به الاطمئنان، ولا اطمئنان في الظن وشبهه لتجويز النقيض معه، فيكون الثبات والجزم معتبرا في الإيمان.
فإن قلت: قوله تعالى حكاية عن إبراهيم " أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي (2) " يدل على أن الجزم والثبات غير معتبر في الإيمان، وإلا لما أخبر عليه السلام عن نفسه بالإيمان، بقوله " بلى " مع أن قوله " ولكن ليطمئن قلبي " يدل على أنه لم يكن مطمئنا فلم يكن جازما.
قلت: يمكن الجواب بأنه عليه السلام طلب العلم بطريق المشاهدة، ليكون العلم بإحياء الموتى حاصلا له من طريق الأبصار (3) والمشاهدة، ويكون المراد من اطمئنان قلبه عليه السلام استقراره وعدم طلبه لشئ آخر بعد المشاهدة، مع كونه موقنا بإحياء الموتى قبل المشاهدة. أيضا وليس المراد أنه لم يكن متيقنا قبل الإرائة، فلم يكن مطمئنا ليلزم تحقق الإيمان مع الظن فقط.
وأيضا إنما طلب عليه السلام كيفية الإحياء، فخوطب بالاستفهام التقريري على (0) الإيمان بالكيف الذي هو نفس الإحياء، لأن التصديق به مقدم على التصديق بالكيفية فأجاب عليه السلام بلى آمنت بقدرة الله تعالى على الإحياء، لكني أريد الاطلاع
Página 67