واعلم أن جميع ما ذكرناه من الأدلة لا يفيد شئ منه العلم، بأن الجزم والثبات معتبر في التصديق الذي هو الإيمان، إنما يفيد الظن باعتبارهما، لأن الآيات قابلة للتأويل وغيرها كذلك، مع كونها من الآحاد.
ومن الآيات أيضا قوله تعالى " فاعلم أنه لا إله إلا الله " (1).
واعترض على هذا الدليل بأنه أخص من المدعى، فإنه إنما يدل على اعتبار اليقين في بعض المعارف، وهو التوحيد دون غيره، والمدعى اعتبار اليقين في كل ما التصديق به شرط في تحقق الإيمان، كالعدل والنبوة والمعاد وغيرها.
وأجيب بأنه لا قائل بالفرق، فإن كل من اعتبر اليقين اعتبره في الجميع، ومن لم يعتبره لم يعتبره في شئ منها.
واعلم أن ما ذكرناه على ما تقدم واردها هنا أيضا، واعترض أيضا بأن الآية الكريمة خطاب للرسول صلى الله عليه وآله، فهي إنما تدل على وجوب العلم عليه وحده دون غيره.
وأجيب بأن ذلك ليس من خصوصياته صلى الله عليه وآله بالاجماع، وقد دل دليل وجوب التأسي به على وجوب اتباعه، فيجب على باقي المكلفين تحصيل العلم بالعقائد الأصولية.
وأيضا أورد أنه إنما يفيد الوجوب لو ثبت أن الأمر للوجوب، وفيه منع لاحتماله (2) غيره، وكذا يتوقف على كون المراد من العلم هاهنا القطعي، وهو غير معلوم، إذ يحتمل أن يراد به الظن الغالب، وهو يحصل بالتقليد، وبالجملة فهو دليل ظني
Página 58