Hamayan Zad hacia la Casa del Más Allá
هميان الزاد إلى دار المعاد
Géneros
وأصله صيوب بفتح الصاد وإسكان الياء الزائدة وكسر الواو، اجتمعت الواو والياء وسكنت السابقة منهما فقلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء فوزنه فيعل بذلك الضبط، ويجوز أن يكون أصله صويبا بوزن كريم، قدمت الياء على الواو فكان الاجتماع المذكور فالإدغام المذكور، وسكون الياء قبل التقديم ميت لكونها بعد كسرة ، وبعده حى لكونها بعد فتحة، فوزنه على هذا قبل التقديم فيعل ككريم، وبعده بحسب اللفظ فيعل وفيه فى سيد من الأوجه، وقد ذكرتها فى شرح عصام الدين، ونكر الصيب تعظيما لأن المراد نوع من المطر أو من السحاب شديد، كما نكر النار فى قوله
كمثل الذى استوقد نارا
وقرى أو كصائب والصيب أبلغ. { من السمآء } من السحاب أو من سماء الدنيا أحد السماوات السبع، وكلما علاك وأظلك يسمى سماء كسحاب وسقف وثوب منشور فوقك، وإذا قلنا السماء سماء الدنيا، فأل للعهد الحضورى أو الذهنى أو الذكرى، فإنه قد عهد فى الذهن من ذكر صيب ومن ذكر غيره فى غير هذه الآية، وتقرر أن الماء من السماء على المتبادر من سائر الآيات، وكذا السحاب ويؤيد هذا التبادر قوله عز وجل
وينزل من السماء من جبال فيها من برد
إلا إن أراد ينزل من جهة السماء، وفى ظاهر ذلك رد على الحكماء الزاعمين أن المطر ينعقد من أبخرة الأرض، وعلى من قال ينعقد من البحر فذكر السماء مع أن المطر لا يكون إلا منها للرد عليهم، ويجوز أن تعتبر كل قطعة من السماء سماء فيكون كلما تحت تلك القطعة من أفق يسمى سماء، فتكون أل للاستغراق فيفيد أن الغمام مطبق آخذ بآفاق السماء، ولا شك أن المطبق المظلم المريد المبرق كذلك أعظم تخويفا من الغمام الذى هو دون ذلك، فهذه مبالغة عظيمة مع المبالغة لتنكير الصيب ويجمع الصاد المستعلية وتشديد ما بعدها مع الباء الموحدة التى صفتها الشدة، وبها قيل إن الصوب فرط الانسكاب والوقوع، وبأن صيب فعيل وهو صفة مشبه دالة على الثبوت سواء قلنا أصله فعيل ككريم، أو غير منقول عن فعيل أو بأنه صفة مبالغة محولة عن صائب وأصله صويب كنصير، وإذا قلنا السماء السحاب فأل للحقيقة، وإن قلنا السماء السحاب وسماء الدنيا لنزول الماء منها جميعا وعلوها كما جمعا بين الحقيقة والمجاز بلفظ واحد إن قيل السماء حقيقة فى أحد السماوات مجاز فى السحاب، وكان جمعا بين معنيى كلمة واحدة قيل حقيقة فيهما وفى كلما علاك.
{ فيه } أى فى الصيب بمعنى السحاب أو بمعنى المطر أو فى السماء بمعنى السحاب. { ظلمات ورعد وبرق } بيان حصول الظلمة والرعد والبرق فى الصيب بمعنى السحاب، أو فى السماء بمعنى السحاب أن فيه ظلمة سواده، وظلمة تكاثفه وظلمة تطبيقه، وظلمة الليل الحاصلة فيه وتحته، وأن فيه الرعد والبرق وإنما يصلنا البرق من داخلة، وقيل ظلمات السحاب ظلمات تكاثفه وفقط، وبيان حصول ذلك فى الصيب بمعنى المطر إن فيه ظلمة تكاثفه بتتابع القطر، وظلمة غمامه، وظلمة الليل الحاصلة فيه، وأن الرعد والبرق فى أعلاه، وحيث يصوب ملتمسين به فكأنهما فيه، فلفظة فى جاءت استعارة تبعية للملابسة المخصوصة الشبيهة بملابسة الظرفية، الحقيقة تقول زيد فى البلد وما هو إلا فى موضع واحد يشغله جسمه، وما يلتحق به من ثياب التى لبسها ونحوها تشبيها لكونه فى بعض البلد، يكون مظروف عم جميع الظرف، ولكن يلزم على ذلك جمع بين الحقيقة والمجاز بكلمة واحدة، فإن حصول الظلمات فى المطر حقيقة، اللهم إلا أن يقال إن ذلك من عموم المجاز، واختلف فى الجمع بينهما على جوازه مرجوحة، وخلاف الأصل، ويتخرج أيضا من الجمع بينهما بتقدير فيه هكذا، فيه ظلمات وفيه رعد وبرق، وبيان التجوز المذكور كله، أن الرعد والبرق فى الجزء المتصل بحيث ينحدر المطر لا فى كله ولا هما تابعان له حيث ما تصوب، وإن قلنا المراد بالظلمات ظلمات السحاب، أضيفت إلى المطر، كان الكلام مجازا أيضا فى جهة الظلمات، ولذلك أن تقول المجاز مرسل لعلاقة المحاورة بأن تعتبر ظلمات السحاب، فإنهن والرعد والبرق مجاورات للمطر لا فيه، إذ لم نعتبر حصول الرعد والبرق فى المطر حيث ينحدر ويصوب، وفيه خبر، وظلمات مبتدأ، والجملة نعت لصيب أو حال من السماء أو من صيب لنعته بقوله { من السمآء } أو لتعلقه به أو نعت للسماء إذا جعلنا فيه للحقيقة، فإنه يجوز نعته حينئذ والحالية له، ويجوز كون النعت أو الحال فى ذلك كله هو قوله { فيه } فيكون ظلمات فاعل له مرفوعا به، لاعتماده على منعوت أو ذى حال، وقرئ بإسكان لام ظلمات كما مر، وللتعظيم والتهويل نكر الظلمة وجمعها، ونكر الرعد والبرق، وللتنويع كأنه قيل نوع عظيم من الظلمات والرعد والبرق، فهن ظلمات داجنة ورعد قاصف وبرق خاطف، ولم يجمع رعد وبرق لأنهما فى الأصل مصدران، والمصدر يصلح للقليل والكثير، فالجمع المقصود فيهما يفيده لفظهما بلا تغيير له إلى صيغة الجمع، واعتبر أصلهما فى جواز استعمالهما فى معنى الجمع أو لأنهما باقيان على المصدرية، كأنه قيل وإرعاد وإبراق بكسر الهمزتين مصدرى أرعد وأبرق، ويقال أيضا رعدت السماء رعدا، وبرقت برقا، والرعد صوت يسمع من السحاب كما قال الجوهرى، وسببه فيما ألهمنى ربى سبحانه وتعالى ضرب الملك الماء بعضه ببعض، والمشهور أن سببه اضطراب اجرام السحاب واصطكاكها إذ ساقتها الريح، فاضطرابها واصطكاكها بالريح، ويطلق الرعد على الملك والمشهور الأول وهو أنسب بالآية، وهو مشترك بين الملك والصوت.
ففى بعض الأحاديث أنه ملك موكل بالسحاب بيده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه إلى حيث يشاء الله، وصوته ما يسمع، وفى بعض الأحاديث أنه ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعى بغنمه، وفى بعضها أنه ملك يسوق السحاب بالتسبيح كما يسوق الحادى الإبل بحدائه، وفى بعضها أنه ملك يسمى به وهو الذى يستمعون صوته، فعن ابن عباس وشهر بن حوشب ومجاهد وغيرهم هو ملك يزجر السحاب بهذا الصوت المسموع كلما خالفته سحابة صاح بها، فاشتد غضبه فطارت النار من فيه هى الصواعق، وأكثر العلماء أن الرعد ملك، وذلك الصوت تسبيحه وزجر للسحاب، وقال على بن أبى طالب الرعد اسم الصوت المسموع وهو مأخوذ من الرعدة، سواء بمعنى الصوت أو الملك، فإن ذلك الصوت مرتعد والملك مرتعد من صوته، وأيضا ذلك الصوت على القول بأنه من الماء، سببه ارتعاد الماء واضطرابه، والبرق هو النور الذى يلمع من السحاب مأخوذ من قولك برق الشىء بريقا أى لمع، قيل هو لمعان الصوت الذى يزجر به السحاب، وقال على بن أبى طالب عن النبى صلى الله عليه وسلم المخراق حديد بيد الملك يسوق به السحاب، وقال ابن عباس هو سوط نور بيد الملك يزجر به السحاب، وعنه أن البرق ملك يتراءى. { يجعلون } هذا وما بعده إلى قوله { قاموا } عائد إلى تهويل الصيب وظلماته ورعده وبرقه، فالجملة نعت أو حال لصيب أو لرعد وبرق، وهو أولى لعدم الفصل بالعطف والرابط محذوف، أى الصواعق منه أو منهما أو الرابط أل أى صواعقه أو صواعقهما هذا ما أقول.
وقال غيرى الجملة جواب سؤال مقدر كأنه قيل كيف حالهم مع تلك الشدة والهول الحاصلين من الظلمات والرعد والبرق والصيب؟ فقيل يجعلون أى يجعل أصحاب الصيب، فحذف المضاف للصيب وروى هنا كقوله
يسقون من ورد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل
فمن، بفتح الميم، مفعول يسقون، والبريص مفعول ورد، ومعنى ورد بلغ ووصل، والبريص نهر تشعب من بردى، وبردى نهر كبير بدمشق وألفه للتأنيث، وهو فعلى من البرودة، مفعول ثان يسقون على حذف مضاف، أى ماء بردى، وقد روعى هذا المضاف فى قوله يصفق بالتذكير أى يصفى ماؤها، ولو روعى المضاف إليه وهو بردى لقيل تصفق، والباء بمعنى مع. { أصابعهم } أى أناملهم وهى رءوس الأصابع، فأطلق اسم الكل على البعض للمبالغة فى سدهم آذانهم حتى لا يسمعوا شيئا من الصوت، فهو مجاز مرسل علاقته الكلية أو البعضية، أو هما، إذ سمى البعض باسم الكل، فالأصابع كلمة مستعملة فى غير ما وضعت له، ويجوز أن يقدر مضاف أى أنامل أصابعهم أو رءوس أصابعهم، فيكون مجاز الحذف، وعليه فالأصابع كلمة مستعملة فيما وضعت له، وفى حذفت المضاف أيضا مبالغة إذا يبقى ظاهر اللفظ كأنهم يجعلون أصابعهم كلها لا أناملها فقط، وذلك على سبيل التوزيع، أى يجعل كل واحد أصبعا فى أذنيه، فلكل واحد أذنان يجعل فى كل واحدة أصبعا من أصابعه، كقولك لبس القوم نعالهم، والمراد بالأصابع السبابات إذ هى المعهودة فى سد الآذان، ولم تذكر لأن اسمها من السب فتركت لآداب القرآن ولم يسمها بالمسبحة والسباحة والمهللة والدعاء لأنهم لا يعرفونها بهذه الأسماء، لأنهن مستحدثات، أو أطلق ولم يعين بالاسم، لأنهم قد يسدون آذانهم بغيرها كالصغيرة لرقتها، فيدخل منها ما لا يدخل من غيرها، والتى تليها لغلظ أعلاها فتعم السد، وكالوسطى لغلظ أعلاها وطولها وقوتها، وكالإبهام لأنها أمكن فى العمل وأقوى وأغلظ وأوسع، ويشير إلى أنهم لشدة هولهم لا يتخيرون أصبعا بل ما تيسر من الأصابع. { فى ءآذانهم } جمع أذن. { من الصواعق } من للتعليل متعلقة بيجعلون نحو سقاه من العيمة بفتح العين أى سقاه لأجل شدة اشتهائه اللبن، وإنما جمعت الصاعقة على صواعق لأنها ليست صفة في الحال، وإن أبقيناها على الوصفية فصفة غير عاقل، تجمع على فواعل قياسا، والصاعقة قصفة رعد هائل معها نار لا تمر بشىء إلا أهلكته، وتؤثر فى الجبل، وهى لطيفة سريعة الخمود سقطت على نخلة فأحرقت نحو النصف وطفئت، وقد تكون بلا رعد. والقصف الكسر، والمراد بقصف الرعد صوته أو شدة صوته. وقال التفتازانى شدة صوته، والتعريف المذكور ذكره الزمخشرى والقاضى وهو مجاز.
Página desconocida