Hamayan Zad hacia la Casa del Más Allá
هميان الزاد إلى دار المعاد
Géneros
قلت هو بعيد لاختصاصها فى الأشهر بالاسم ولتخطئ العامل لها، ولكونها لا محل لها من الإعراب، والإعراب فى آخر الوصف اللهم إلا أن يقال أشبهت أل الحرفية التى للتعريف قد خلت على الاسم وتخطاها العامل، فلم يكن لها إعراب محلا.
وإخبار الفخر أن المنافقين لم يشبهوا بذات المستوقد حتى يلزم تشبيه الجماعة بالواحد، بل شبه قصتهم بقصة المستوقد، كما شبه الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها بالحمار يحمل أسفارا، فالذى مفرد لفظا ومعنى ولا يحتاج لتأويل، فالضمير على هذا فى نورهم وما بعده للمنافقين لا للذى، ومعنى استوقد طلب الوقود وسعى فى تحصيله، واختار هذه الصيغة الدالة على الطلب والعلاج ليكون التمثيل بمن احتاج إلى النور غاية الاحتياج فى لجة الظلمة، فهو يجتهد فى تحصيله ثم زال عنه فبقى فى ظلمة أشد، هكذا أقول والممثل لهم ولو لم يكونوا مريدين لنور الدين ولا طالبين له، لكنهم فى غاية الاحتياج إليه ولم يعلموا، وقال الأكثر استوقد بمعنى أوقد، ووقود النار حصول لهبها وارتفاعه من ذلك وقد فى الجبل إذا صعد وعلا فيه، والنار جسم لطيف مضىء حار محرق، وأما الجسم الذى يمتد منه فجمر، وإطلاق النار على حرارتها مجاز، والنور ضوؤها وضوء كل نير كالشمس والقمر والنجوم واللؤلؤ وهو نقيض الظلمة، ونكر النار للتعظيم، ولفظ النار مأخوذ من نارينور إذا نفر بالنون والفاء، لأن فيها حركة واضطرابا، أو نار ينور هو الذى أخذ من لفظ النار، وأما النور فقيل مأخوذ من لفظ النار، والتحقيق أنه من النور، بفتح النون، الذى هو مصدر، وإنما ساغ ذلك الاختلاف لأن باب الأخذ والاشتقاق الذى بمعناه واسع يكفى فيه وجود المادة، وأصل المعنى وهما موجودان فى كل لفظين متوافقين، ومعنى أضاءت أنارت إنارة عظيمة، فإن الضوء أعظم من النور لقوله تعالى
جعل الشمس ضياء والقمر نورا
ولو ترادفا لغة، لأن الترادف بحسب الوضع كالاستعمال بلغية بحسب الاستعمال، ويستعمل أضاء متعديا بمعنى جعل الشىء للبصر زائلة ظلمته، ويستعمل لازما بمعنى الظهور للبصر، وزوال ظلمته فيحتمل الذى فى الآية أن يكون متعديا، وفيه ضمير مستتر فاعل عائد إلى النار، وما مفعول به وهو الواضح المتبادر، ويحتمل أن يكون لازما وما فاعله، لوقوعه على الأمكنة، لأن ما حول المستوقد هو أماكن وأشياء كائنة فلما ظهرت للببصر الأمكنة والأشياء التى حول المستوقد، وأن يكون لازما وفاعله ضمير مستتر عائد إلى النار وما زائدة، وحوله ظرف متعلق بأضاءت بخلافه على الوجهين الأولين، فإنه صلة. والمعنى على هذا الوجه فلما ظهرت النار وزالت بها الظلمة أو ظلمته أشرقت، وأن يكون لازما وفاعله ضمير مستتر عائد إلى النار وما اسم موصول كالوجهين الأولين، لكنها واقعة على الأمكنة، فهى منتصبة المحل على الظرفية، وهذا أثبته الزمخشرى والقاضى، وعندى أن هذا بعيد ولو جاز وقوع الذى ونحوه ظرفا، نحو جلست الذى جلست فيه، أى فى الموضع الذى جلست، لأن الذى ونحوه يصح النعت به، وما لا ينعت بها ولا يبعد وقوع ما الشرطية ظرفا زمانيا، وهو متبادر فى قوله تعالى
فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم
ومادة الحوق تدل على الدوران والتغير والانقلاب والظهور، سواء كانت على هذا الترتيب - ح و ل أم لا، فسمى ما يقرب من المستوقد حولا لاستدارته به، وسمى العام حولا لأنه يدور، وحال الشىء واستحال تغير، وحال عن العهد انقلب وتحول إلى مكان، ولاحه السفر غيره، ولاح النجم ظهر، ووحل بالكسر وقع فى الوحل وهو الطين، كما أن مادة كمل للقوة ككمل وكلم وملك ومكل ولكم، وجواب لما هو قوله عز وجل { ذهب الله بنورهم } ، ولم يقل بنارهم مع أنه مقتضى الظاهر، لأن النور هو المراد من إيقادها، ولأن الممثل لهم وهم المنافقون إنما يذهب عنهم نور الإيمان، ويجوز أن يكون جواب لما محذوفا للإيجاز وأمن اللبس، لدلالة المقام عليه، وفى حذفه بلاغه كأنه قيل فلما أضاءت ما حوله خمدت فبقوا خابطين فى ظلام، متحيرين على خمودها بعد طلب إيقادها وعلاجه، وإذا قلنا بحذف جوابها كانت الهاء فى قوله { بنورهم } عائدة إلى المنافقين، وكانت جملة { ذهب الله بنورهم } إما بدلا من قوله { مثلهم كمثل الذى استوقد نارا فلما أضآءت ما حوله } مع الجواب المحذوف، وهو بدل نحوى لأن التحقيق ألا يشترط فى إبدال الجملة من جملة وجود محل الإعراب للجملة الأولى المبدل منها، ولو قال كثير باشتراطه، وفائدة ذلك البدل البيان، وقد أجاز الزمخشرى والقاضى الإبدال هنا، وهو طبق ما ذكرت من عدم الاشتراط، اللهم إلا أن يراد البدل اللغوى وهو أعم لا البدل الصناعى، وأن معنى البدلية قيام الجملة مقام الجملة التى وقع بها التمثيل فى المعنى مع إفادة إيضاح، وإما استئنافا بيانيا كأنه قيل ما بالهم شبهت حالهم بحال الذى استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله خمدت، فقيل ذهب الله بنورهم، وليس هذا الوجه ضعيفا لأن هذا السؤال لا يغنى عنه، فلما أضاءت ما حوله لحذف جواب لما وهو الخمود، وإن قلت إن زوال نور الإيمان بفعلهم واختيارهم إذا اعتبرناه الفطرة التى فطروا عليها أو تمكنهم منه، فكيف شبه بمن زال نور ناره بلا فعل منه واختيار، بل بإذهاب الله؟ قلت ساغ ذلك لأن المستوقد للنار هو أيضا فاعل فى زوال نورها بتضييع أو تعمد يعقبه الندم، لكن فعله مخلوق لله عز وجل، فقال { ذهب الله بنورهم } أو لأن الإزالة بسبب خفى فنسب لله، سواء كان للمستوقد فيه فعل أو لم يكن، أو لأنها حصلت بأمر سماوى كريح أو مطر، أو نسبت الإزالة إلى الله تعالى نسبة الفعل إلى الفاعل، من حيث إنه فاعل لا إلى الخالق من حيث إنه خالق، وذلك مجاز ومبالغة كما تقول ذبحه الله مجازا أو مبالغة، ولك أن تقول إن المستوقد استوقد نار فتنة وعداوة للإسلام، فأضاءت ترشيح أو نار حقيقة فى معصية فأطفأها الله كما عاقبهم بعد اختيارهم ونسبتهم بالخذلان وعدم إلقاء حلاوة الإيمان فى قلوبهم، فأطفئ عنهم نور الإيمان، ففى هذين الوجهين اعتبر أن المطفئ هو الله فى جانب المشبه والمشبه به، وإما إن قلنا زوال نورهم بالموت أو بالافتضاح فالإطفاء فى الجانبين من الله عز وجل، والباء للتعدية كالهمزة، إلا أن معها استصحابا وليس مع الهمزة، يقال ذهب زيد بعمر وأى أذهبه ومضى معه، ويقال أذهبه أى جعله ذاهبا سواء ذهب معه أم لا، فإذا ذهب معه فليس لفظ أذهب هو الدال على المصاحبة، فعبر بالباء فى الآية للمبالغة لدلالتها على المصاحبة وذلك مجاز لأن الوصف بالذهاب وصف بالمكان والتحيز والانتقال، تعالى الله عنه.
ووجه المبالغة إنما ذهبت به قد أزالته عن موضعه، وحافظت عليه وأمسكته وما يمسك فلا مرسل له من بعده، وقرأ اليمانى أذهب الله نورهم بهمزة التعدية لا ببائها، فليس فيه مجازية الصحبة، والفرق بين التعدية بالهمزة والتعدية بالباء بما ذكر من المصاحبة مع الباء قول المبرد والسهيلى، ورده ابن هشام بالآية، يعنى لأن الله لا يذهب مع شىء، بل يذهب الشىء ويزيله، ويرده ما ذكرت من المبالغة والمجاز، وإنما قال بنورهم ولم يقل بضوئهم مع أن مقتضى اللفظ أن يقال بضوئهم من حيث إنه المذكور فى قوله { فلمآ أضآءت } للمبالغة فيفند إزالة النور عنهم أصلا، ولو قيل بضوئهم احتمل ذهاب ما فى الضوء من الزيادة، وبقاء ما يسمى نورا لأن الضوء فيه دلالة على الزيادة، ويدل لذلك قوله { وتركهم فى ظلمات لا يبصرون } وإنه مقرر مؤكد فى المعنى، لقوله { ذهب الله بنورهم } حيث ذكر الظلمة التى هى عدم النور وانطماسه بالكلية ونقيضه، وقيل الظلمة عرض ينافى النور وترك فى الأصل بمعنى طرح وخل متعد لمفعول واحد، فضمن معنى صير فتعدى لاثنين كقوله
فتركته جزر السباع ينشنه ما بين قلة رأسه والمعصم
فجزر، بفتح الراء، مفعول ثان لا حال لإضافته للمعرفة والمضاف للمعرفة معرفة، والحال لا يكون معرفة، بخلاف قوله جل وعلا { فى ظلمات } فيحتمل التعليق بمحذوف مفعول ثان، أو بمحذوف حال والتعليق بترك وجزر السباع شاة لسباع، والجزر الشاة المعدة للذبح، وجمع الظلمة ونكرها ووصفها بأنها ظلمة لا يمكن فيها الإبصار إبصار شىء ما للتعظيم والمبالغة ، فذلك أيضا من مؤكدات قوله { ذهب الله بنورهم } وقرأ الحسن بإسكان لام ظلمات، وقرأ اليمانى فى ظلمة بالإفراد، والظلمات ظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة يوم القيامة
يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم
Página desconocida