287

Hamayan Zad hacia la Casa del Más Allá

هميان الزاد إلى دار المعاد

Géneros

أى لعلى أجيب دعوة إبراهيم باهتدائكم، كما أجبت دعوته بإرسال محمد، صلى الله عليه وسلم، منكم، والكاف للتشبيه فى الأوجه كلها، ويجوز فى تعليقها باذكرونى، أو بأذكركم أن تكون للتشبيه وأن تكون للتعليل. { فيكم } يا معشر العرب. { رسولا منكم } وهو رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، فإنه من العرب والعرب أفضل الناس، لأن أفضل الرسل منهم، وهذا شرف فى نفس العرب، وتفضيل بنى إسرائيل على عالمى زمانهم حتى عرب زمانهم إنما هو باعتبار ما تفضل عليهم لا فى نفسهم فافهم، ويدل أيضا على ذلك وعلى فضل لغتهم على سائر اللغات، أن القرآن جاء عليها وهو أفضل كتب الله جل وعلا وفى إرسال الرسول منهم نعمة عظيمة عليهم لما فيه من الشرف لهم، لأن المعروف من حال العرب الأنفة الشديدة من الانقياد لغيرهم، فكان بعثه منهم أقرب إلى قبول قوله والانقياد إليه. { يتلو عليكم آياتنا } هى آيات القرآن الكريم المعجز إلى يوم القيامة، وجملة يتلو نعت رسولا، ويجوز أن تكون حالا منه إن علقنا منكم بإرسلنا ولم نجعله نعتا له. { ويزكيكم } يطهركم من الشرك والمعاصى، لأن يعلمكم أمر الدين ويأمركم وينهاكم، وشئ زكى بمعنى غير خبيث بالنجس، وفى إطلاق التزكية على الانقياد من السر والمعاصى إشارة إلى أن الشرك والمعاصى كالنجس، ويجوز أن يكون المعنى ينميكم بالطاعة والإيمان، فإن الإنسان فى المعصية والشرك على نقص ورذالة، وفى الطاعة والإيمان على الزيادة والبركة، وأن يكون معنى يزكيكم بصيركم أزكيا بأن تكون أخلاقكم محاسن وأفعالكم مكارم.

{ ويعلمكم الكتاب } القرآن بألفاظه ومعانيه. { والحكمة } السنة والفقه فى الدين، أو الكتاب ألفاظ القرآن، والحكمة معانية، أو خصوص أحكامه، وتقدم كلام على ذلك فى قصة إبراهيم عليه السلام، وإنما أخر التزكية فيها عن تعليم الكتاب والحكمة، وقدمها هنا، لأن التزكية مذكورة هنا على رسم أن يكون فيهم، ويعلمها بهم فيقبلوها فيتزكوا فهى المقصود بالذا من بعث الرسول فيهم، ومذكورة فى قصته على رسم أن يؤول أمرهم إلى إرسال الرسول فيهم يؤول أمره إلى أن يزكيهم فهى فيها ثانيا، وبالتبع وهنا أولى، وبالفعل وإن شئت فقل التزكية علة تكون غاية لبعث الرسول، والعلة التى هى غاية الشئ متأخرة عملا متقدمة علما، فنظر إلى تقدمها علما فقدمت هنا وإلى تأخرها عملا فأخرت هنالك { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون } يعلمكم بالتوفيق إلى استنباط الأحكام والمعانى من القرآن والسنة، بتدقيق الفكر والنظر بعد أن لم تعلموها فهم يفهمون منها ما لم يذكره لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون المعنى بالكتاب ألفاظه، وبالحكمة أحكامه، والسنة والفقه فى الدين، وبما لم تكونوا تعلمون أخبار الأمم الماضية وأنبياءهم والحوادث المستقبلة، ويحتمل أن يكون المراد بقوله { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون } هو المراد بقوله ويعلمكم الكتاب والحكمة، فأعاده ليبين ويصرح بأنه يعلمهم ما لا يدركونه بمجرد الفكر والنظر، بل بالوحى وهو جنس آخر غير ما كانوا يعرفونه بالنظر والفكر.

[2.152]

{ فاذكروني } وفتح ابن كثير الياء. { أذكركم } اذكرونى بقلوبكم وألسنتكم أذكركم بما تحبون من ثناء وإنعام ودفع بلاء دنيا وأخرى، فذكر الله جل وعلا باللسان قراءة القرآن، والتسبيح والتهليل والتكبير ونحو ذلك من كلام العبادة المشتملة على ذكره بأى اسم من أسمائه، والذكر بالقلب أن يواطئ القلب اللسان عند الذكر باللسان، وأن يذكر الله فى قلبه ولو سكت لسانه، ويجل الله ويهابه ويتفكر فى صنائعه، ويحضر ذكره فى قلبه أو فى قلبه ولسانه معا عند إرادة المعصية، فيتركها تعظيما له تعالى، وخوفا من عقابه وسخطه، وعند الطاعة فيرغب فيها، هذا تفسير الآية عندى، ودخل فى ذلك ذكره بالجارحة، فإنه إذا كان فى عمل عبادة أو مباح نوى به ثوابا فقد ذكره فى قلبه ولا سيما الصلاة والحج لاشتمالهما على الذكر باللسان، وقيل اذكرونى باللسان والقلب، أذكركم بالثواب والرضا عنكم. وعن ابن عباس اذكرونى بطاعتى أذكركم بمعونتى وقيل اذكرونى فى النعمة والرخاء، أى بالدعاء وأداء الفرائض واجتناب النهى، أذكركم فى الشدة والبلاء، أى بإجابة دعائكم عندهما، وإزالتهما أو تخفيفهما، وقالت الصوفية اذكرونى بالتوحيد والإيمان، أذكركم بالجنان والرضوان، وقيل اذكرونى بالإخلاص أذكركم بالخلاص، واذكرونى بالقلوب أذكركم بغفران الذنوب، واذكرونى بالدعاء أذكركم بالعطاء، ومعنى ذكر الله عبده هنا مجازاته على ذكره إياه أو الإيحاء إلى الملائكة بأن عبدى فلان كريم حسن أنا عنه راض، أو خلفه ذكره بالخير بين الملائكة والمؤمنين، فيكون مذكورا عند الملائكة ومحبوبا عندهم وعند غيرهم، روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم

" يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدى بى، وأنا معه إذا ذكرنى، فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملأ، ذكرته فى ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتانى يمشى أتيته هرولة "

وفى رواية

" أنا عند ظن عبدى فليظن بى ما شاء "

وفى رواية

" ذكرته فى ملأ خير من ملئه "

ومعنى قوله " أنا عند ظن عبدى بى " ، وفى رواية إسقاط بى أنى عنده بالغفران إذا استغفر، وبالقبول والإجابة إذا دعى، وبالكفاية إذا طلب الكفاية، وقيل معناه تحقيق الرجاء وتأميل العفو، وصحح هذا ذكره الخازنى وبعض شراح البخارى، وذكرت فى الشامل غير ذلك، ومعنى " أنه معا إذا ذكرنى " أنى معه بالتوفيق والرحمة، ومعنى " ذكرنى فى نفسه " ذكرنى خاليا ومعنى " ذكرته فى نفسى " رحمته أو جازيته أو خلفت كلاما فى الثناء عليه بلا إعلام لملائكتى، ومعنى " ذكرنى فى ملأ " ذكرنى فى جماعة مطلقا، أو فى جماعة تملأ العيون بشرفها، ومعنى " ذكرته فى ملأ كذلك " لكنهم ملائكة وملأ الذاكر بشر، وهذا يدل على أن الملائكة أفضل من الناس بقوله " خير منه " ولا دليل فيه على أنه أفضل من الأنبياء، لأن الذكر غالبا فى جماعة لا نبى فيها لقلة الأنبياء فى النسبة إلى الناس لكثرة الغيبة عن الأنبياء فى حياتهم، وظاهر الحديث تفضيل الذكر فى الجماعة على الذكر فى الخلوة، وهو كذلك لكونه ذكر الله فى الجماعة ليذكرهم أو يأمرهم وينهاهم، أو ليذكروا أو ليعظم الله فيعظموه أما إذا ذكره رياء أو مهملا فليس بذكر، وإن ذكره احتسابا لا مهملا لكن بلا نية تذكير لهم أو أمر لهم أو نهى لهم، وبلا نية أن يذكروه أو يعظموه، فإنما يذكره فى الملائكة ليكون جزاء وفاقا لكن ثوابه حينئذ أعظم، ومعنى " إن تقرب إلى شبرا.

Página desconocida