Hamayan Zad hacia la Casa del Más Allá

Qutb Atfayyish d. 1332 AH
211

Hamayan Zad hacia la Casa del Más Allá

هميان الزاد إلى دار المعاد

Géneros

ولا يقسم الله بامرأة كافرة، والتى فتنتهما تسمى الزهرة لجمالها تشبيها بذلك الكوكب، ومسخت شهابا لما بلغت، فلما قارفا الذنب هما بالصعود إلى السماء فلم تطاوعهما أجنحتها، فعلما ما حل بهما فصعدا إلى إدريس النبى صلى الله عليه وسلم وأخبراه بأمرهما وسألاه أن يشفع لهما عند الله تعالى وقالا له رأينا أنه يصعد لك من العبادة مثل ما يصعد لجميع أهل الأرض، فاشفع لنا عند ربك، ففعل ذلك إدريس، فخيرهما الله تعالى بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا إذ علما أنه ينقطع، فهما ببابل يعذبان معلقان بشعورهما إلى قيام الساعة. هذه رواية، وعن القاضى البيضاوى وعياض وابن عرفة والفخر الرازى ما يروى فى ذلك من مراودتهما المرأة، وشرب الخمر، وقتل النفس والصلاة، للصنم، غير صحيح عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن على وابن عباس وغيرهما من الصحابة، بل كذب عنهم وإنما ذلك من أخبار اليهود وكتبهم وافترائهم، ولا يؤخذ ذلك بقياس، وأنكر كثير من السلف ذلك أيضا. قال القاضى ولعله من رموز الأوائل، وحله لا يخفى على ذوى البصائر، يعنى أنه مثل كلام الصوفية وإشارتهم، وأن بيانه لا يخفى على ذوى البصيرة، قال زكريا الملقب بشيخ الإسلام يعنى أنه عبر عن العقل والنفس المطمئنة بالملكين، وعن النفس الأمارة بالسوء بالزهرة، وعن مفارقتهما بالموت بالصعود إلى السماء. انتهى. وأقول حمل القرآن على أمثال هذا جهل وضلال، وإخلال بإعجازه وبلاغته، ولا أرى شيئا من طريق الصوفية صحيحا إلا ما وافق القرآن والسنة، ولم يوقع فى إيهام وإلباس، وذكر ان حجر أن ذلك المروى عن هاروت وماروت له طريق بعيد العلم بصحته، وإن أحمد بن حنبل وابن حيان والبيهقى وغيرهم، وأنه ثبت عن على وابن مسعود مرفوعا بأسانيد صحيحة، وأظن أن الفخر والقاضى ومن ذكر معهما، قد أنكروه، مع علمهم برواية أحمد وابن حيان وغيرهما، لعلمهم أن فى الإسناد ضعفا وبطلانا، ولأن الملائكة معصومون على الإطلاق، كما هو مذهبنا ومذهب محققى مخالفينا وجميع المعتزلة من الكبائر والصغائر، وزعمت طائفة أنهم غير معصومين، محتجين بقصة هاروت وماروت، فنجيب بأنها لم تصح كما مر لم آنفا، وأنها مأخوذة من اليهود، وهم كاذبون على أنبيائهم وغيرهم، وقد حكى الله جل وعلا فى الآية، كذبهم على سليمان بقوله سبحانه

لا يعصون الله ما أمرهم

وهذه حجة قوية على العصمة، وأما الاستدلال على بطلان القصة كما فعل بعض بأن قولهم سبحانك ما كان ينبغى لنا أن نعصيك بعد قول الله لهم لو ابتليتكم بما ابتليت به بنى آدم لعصيتمونى فيه، رد على الله عز وجل وذلك كفر، وقد فرض الكلام أنه عصموا فإنه يصح للخصم أن يقول مرادهم مجرد تنزيهه عن أن يكون أهلا للمعصية لا الرد على قوله لعصيتمونى، نعم يصح الاستدلال على بطلان القصة بأن فيها ما لا يصلح، وهو تخييرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، مع أنهما قد تابا، فإن من تاب لا يعذب بالنار، إلا أن تكلف الخصم بأن المراد عذاب الحشر وتألمه، فإن الملائكة لا ينالهم فيقول إنهما ينالهما تطهيرا من الذنب فعوضا عنه عذاب الدنيا، أو بأنهما يدخلان النار ويخرجان منها، وعوضا عن ذلك عذاب الدنيا، وهذا يمكن أن يكلف به من يسقط الخلود عن الموحد إذا فسق، ونحن لا نقول بذلك. ومما يضعف القصة فيما قيل إن فيها أن المرأة مسخت كوكبا هو الزهرة، وقد أقسم الله جل وعلا بالزهرة فإنه لا يقسم بمشرك، وما لا قدر له، ويبحث بأن الخصم قد لا يسلم أن الزهرة داخلة فى قوله

بالخنس الجوارى الكنس

وبأنها لما مسخت زهرة بقيت ثلاثة أيام أو أقل، ثم فنيت وخلق الله نجما من مثل ذلك يسمى زهرة، كالنجم الذى تبدل منها، وأما رسل الملائكة فقد اتفقوا على عصمتهم فى جانب الإبلاغ، كاتفاقهم على عصمة الرسل فى جانب الإبلاغ، واختلفوا فى غير الإبلاغ والحق عصمتهم فى غيره أيضا. { وما يعلمان من أحد } صلة للتأكيد وأحد المفعول الأول والثانى محذوف أى وما يعلمان أحدا السحر، أى ما يلقنانه أحدا ويفهمانه إياه، وهذا على أنهما يعلمان الناس السحر ابتلاء من الله للناس، ويجوز أن يكون المعنى وما يعلمان من أحد السحر وتحريمه والنهى عنه، وهذا على أنهما يصفانه للناس ليعرفوه فيتقوه، ويردوا على مدعى النبوة أو علم الغيب به، وابن الأعرابى لما أراد هذا الاحتمال الثانى، وقد اقتصر عليه جعل يعلمان فى الآية بمعنى يعلمان بإسكان العين وتخفيف اللام، أى يشعران الناس ويخبرانهم بالسحر وينهيانهم عنه وأقول يؤيده قراءة طلحة يعلمان بإسكان العين، ويرده أن تعلم بفتح التاء والعين واللام مشددة، وإسكان الميم بمعنى اعلم، لا يتصرف فيه بإسقاط تائه وبناء علم بالتشديد وفتح الميم، ولا ما يتصرف من علم بالتشديد ولا بزيادة حرف المضارعة وتصييره مضارعا بأن يقول يتعلم بمعنى يعلم ولا بما يتصرف من يتعلم.

قال ابن هشام وتعلم بمعنى اعلم لا يتصرف فيه، ومنه قول زهير

تعلم رسول الله أنك مدركى وأن وعيدا منك كالأخذ باليد

وقول زهير

فقلت تعلم أن للصيد غرة

وقول زياد بن يسار

Página desconocida