Hamayan Zad hacia la Casa del Más Allá
هميان الزاد إلى دار المعاد
Géneros
والصواب أن حكمها حكم سائر الأفعال فى أن نفيها نفى وإثباتها إثبات وبيانه أن معناها المقاربة، ولا شك أن معنى كاد يفعل قارب الفعل، وأن معنى ما كاد يفعل ما قارب الفعل، فخبرها منفى دائما، أما إذا كانت منفية فواضح لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل انتفى مطلقا حصول ذلك الفعل، ودليله
إذا أخرج يده لم يكد يراها
ولهذا كان أبلغ من أن يقول لم يرها، لأن من لم يرقد يقارب الرؤية، وأما إذا كانت المقاربة مثبتة، فإن الأخبار بقرب الشئ، يقتضى عرفا عدم حصوله، وإلا لكان الإخبار حينئذ بحصوله لا بمقاربة حصوله، إذ لا يحسن فى العرف أن يقال لمن صلى قارب الصلاة، وإن كان ما صلى حتى قارب الصلاة، ولا فرق فيما ذكرناه بين كاد ويكاد، فإن أورد على ذلك وما كادوا يفعلون مع أنهم قد فعلوا، إذ المراد بالفعل الذبح، وقد قال تعالى { فذبحوها } فالجواب أنه إخبار عن حالهم فى أول الأمر، فإنهم كانوا أولا بعد أمن ذبحها بدليل ما تلا علينا من تعنتهم، وتكرر سؤالهم، ولما كثر استعمال مثل هذا فيمن انتفت عنه مقاربة الفعل أولا، ثم فعله بعد ذلك توهم من توهم أن هذا الفعل بعينه هو الدال على حصول الفعل وليس كذلك، وإنما فهم حصول الفعل من دليل آخر، كما فهم فى الآية من قوله { فذبحوها.
. } انتهى. قال القاضى فإذا دخل عليه النفى قيل معناه الإثبات مطلقا، وقيل ماضيا، والصحيح أنه كسائر الأفعال، ولا ينافى قوله { وما كادوا يفعلون } قوله { فذبحوها } لاختلاف وقتيهما إذ المعنى أنهم ما قاربوا أن يفعلوا حتى انتهت سؤالاتهم وانقطعت تعللاتهم، ففعلوا كالمضطر الملجأ إلى الفعل. وقيل { ما كادوا يفعلون } لخوف الفضيحة فى ظهور القاتل، وقيل لغلاء ثمنها، وقيل لعزة وجودها فى هذه الأوصاف جميعا. قال محمد بن كعب القرضى كان ذلك لغلاء ثمنها.
[2.72]
{ وإذ قتلتم نفسا } رجلا يسمى عاميل، أسند القتل إليهم لأن القاتل منهم وفيهم، وهذا نوع من أنواع الحكم على المجموع، أو يقدر مضاف أى وإذ قتل بعضكم نفسا، ومع ذلك فالخطاب لليهود الذين فى زمان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بما فعل أسلافهم. { فادارأتم فيها } تدافعتم فى شأنها بالخصام أو بالتشاكك، لأن من شأن المخاصمين أن يدفع بعضهم بعضا، أو يطرح بعضهم قتلها عن نفسه على بعض وهو تفاعل من الدرء بمعنى الدفع، والأصل تدارأتم أبدلت التاء دالا، وأدغمت الدال فى الدال، وزيدت همزة الوصل ليبتدأ بها، إذ لا يبدأ بما هو ساكن، وإنما حذفت همزة الوصل نطقا للحرف قبلها وهو يقرأ بهمزة ساكنة بعد الراء، وكان أبو عمرو بن العلاء إذا قرأ فى الصلاة أو أدرج قراءته أو قرأ بالإدغام لم يهمز الهمزة الساكنة فاءا أو عينا أو لاما نحو { يؤمنون } ، و { يولون } ، و { المؤتفكات } ، و { بئس } و { وبئسما } والذئب، والبئر، والرؤيا، ورؤياك، وكدأب، وجئت، وجئتم، وشئت، وشئتم. فادارأتم واطمأننتم إلا أن يكون سكون الهمزة للجزم نحو نشأ، وهى وجملته تسعة عشر موضعا أو للبناء نحو أنبئهم. وقرأ وهى لنا وجملته أحد عشر موضعا أو يكون ترك الهمزة فيه أثقل من الهمز وذلك فى قوله تؤوى وتؤويه، أو يوقع الالتباس بما لا يهمز، وذلك فى قوله وريئا أو يخرج من لغة إلى لغة، وذلك فى قوله موصدة، فان ابن مجاهد كان يختار تحقيق الهمزة فى ذلك كله من أجل تلك المعانى، قال أبو عمرو الدانى وبذلك قرأت فإذا تحركت الهمزة نحو قوله يؤلف ويؤذن ويؤخرهم فلا خلاف عنه فى تحقيق الهمزة فى ذلك كله.. انتهى. والذى أقرأ به من رواية ورش إبدال الهمزة الساكنة التى هى فاء كما قال فى الدرر اللوامع، أبدل ورش كل فاء سكنت نحو يومن وإن تحركت سهلها نحو يواخذ ويولف ومود، وقال أبو عمرو الدانى اعلم أن ورشا كان يسهل الهمزة سكنت أو تحركت إذا كانت فاء نحو يأخذ، ولقاءنا إيت، ويومن والمومنون، والذى أوتمن والملك أتونى به ، وموجلا ولا تواخذنا الاتوى إليك والماوى وسائر مادة الإيواء، وفاووا إلى الكهف ونحوه ولا يؤده وتؤزهم ومأبا ومآرب أخرى وما تأخروا فإذا وشبهه إذا كانت صورتها ألفا فهمز جميع ذلك والباقون يحققون الهمزة فى ذلك كله، وسهل ورش أيضا الهمزة من بيس وبيسما والبير والذيب، ولئلا فى جميع القرآن وتابعة الكسائى على الذيب وحده فترك همزة والباقون يحققون الهمز فى ذلك كله حيث وقع وبالله التوفيق. { والله مخرج ما كنتم تكتمون } أى والله مظهر ما كنتم تكتمونه وهو القائل، أو مخرج من حد الغيب إلى حيز البيان ما كنتم تكتمون، ويناسب الوجه الأول مقابلة الإخراج بالكتم والكاتم هو القاتل وحده، كتم القاتل الصادر منه ولم يخبر الناس بأنه هو القاتل، واحتال فى إخفائه بأن ألقاه بعد القتل حيث لا ينسب إليه، فالكتم عدم إخباره عن نفسه أنه القاتل أو الاحتيال المذكور أو كلاهما، وأسند الكتم إليهم لأنه فيهم ومنهم، أو أسنده إليهم لأنهم قد خافوا الفضيحة، كما قيل إن سبب تباطئهم فى الامتثال هو هذا الخوف كما مر، وما مفعول لمخرج، لأن مخرجا للاستقبال المحكى، وذلك أن الإخراج ماض بالنسبة إلى نزول الآية، لكنه فرض أن زمان تلك القصة حاضر، وفرض أن الكتم واقع وأن الإخراج سيقع، ومذهب الكسائى جواز إعمال الوصف فى المفعول، ولو كان الماضى فيكون المعنى والله أخرج ما كنتم ولا ينافى هذا الوجه قوله { فقلنا اضربوه ببعضها.
. }
[2.73]
{ فقلنا اضربوه ببعضها } لأنه معطوف على ادارأتم فيها، وقوله
والله مخرج ما كنتم تكتمون
Página desconocida