Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Géneros
تلك بعض الومضات التي تومئ إلى بعض جوانب الرسالة التي نهض بها الحلاج، والتي سنعرض لها بالتفصيل والبيان.
ولن يضير الحلاج، أن النجاح لم يكتب لرسالته، وأنه قدم حياته فداء لتلك الرسالة، فقد يكون الاستشهاد في سبيل الفكرة والعقيدة أسمى ألوان النجاح، وأعلى ضروب النصر.
أو كما يقول ابن أبي الخير في ملحمته الحلاجية: «إن الموت على مصلب الحلاج ميزة الأبطال.»
ويقول حافظ الشيرازي، شاعر التصوف الإسلامي، في إحدى قصائده: «إن تصلبني الليلة، فإن دمي يخط على الأرض - أنا الحق. مثل منصور الحلاج.»
ولما أراد جلال الدين الرومي، عبقري الشعر الفارسي الصوفي، أن يصعد بفريد الدين العطار، في معارج الحب الإلهي. وفي مجالات البطولة الخالدة قال: «إن روح الحلاج تجلت في العطار.»
ثم عقب بقوله: «لقد بلغ الحلاج قمة الكمال والبطولة، كالنسر في طرفة عين.»
لقد كانت تضحية الحلاج هي سر خلوده، فقد صعد الحلاج بتلك البطولة الفدائية إلى قمة الكمال كالنسر الجبار الجناح، وغدا في قلوب المتصوفة وعقولهم، محجة ومنارة ترشد إلى المثل الأعلى في إشراقاته وإلهاماته.
وأصبح الحلاج بهذا الاستشهاد الأسطوري الملهم الأكبر لمواجيد الشعراء وألحانهم وأغانيهم في الأفق الصوفي.
فهو في الشعر التركي، الولي الأكبر، وهو لدى الهنود: شهيد الحق. وهو الملهم الأول لعباقرة الشعراء الفارسيين العالميين، حافظ الشيرازي، وجلال الدين الرومي، وفريد الدين العطار.
وامتد إلهامه عبر القرون، فنشأت الفرق الصوفية الكبرى، على وقع نغماته ودعواته، وهدى تفكيره وآدابه، حتى إن البكتاشية التي هيمنت على تركيا وألبانيا، قرونا عديدة، ترجع في أصولها إلى الحلاجية.
Página desconocida