Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Géneros
52
ثم تتابعت مشاهد، تجلت فيها أسمى ما في النفوس الإنسانية من مثاليات، وأحط ما في الغرائز البشرية من صفات.
فقد أقام حامد وصحبه حول مصلب الحلاج أعوانا لهم، يملئون الدنيا سبابا وصياحا هاتفين: اقتلوا الحلاج الزنديق، وفي أعناقنا دمه!
ثم أخذ الجند يجمعون الفقهاء والصوفية ليرجموا الحلاج، وهو في موقف الهول والعذاب، فامتنع فريق كبير عن هذا الإثم، صبروا وصابروا، واحتملوا الجلد والسجن، ولم تقترف أيديهم السوء!
ثم جيء بالشبلي، تلميذ الحلاج وصديقه وصفيه، جيء به ليرجم الحلاج، وأقسموا على قتله إن لم يفعل!
وأذن له الحلاج وطالبه أن يفعل صونا لدمه، فرماه بوردة ... ثم بكى وصاح: «إن استشهاد الحلاج درة من الجمال المحرم، إنه زاد خلود، لا يظفر به إلا الأبطال، وليس بزاد يوزع على الجميع.»
يقول ماسنيون:
53 «وفي وسط هذا كله، الحلاج نفسه مصلوبا خارجا عن طوره، مظهرا للجميع من فوق مقصلته، وهو في حالة من الوجد تجاوز ببدنه حد الموت، شخصية المسيح الخالدة، كما وصفها القرآن، وكأنه الصورة المعبرة المتجلية فيها روح الله: وما قتلوه وما صلبوه.»
ومضى اليوم الثاني، وجاءت الليلة الثانية، على الشهيد الصامد، لهول لم يصمد له أحد من قبل!
ومضى الليل ثقيلا بطيئا، ورفرف الموت على الساحة الكبرى، وأخذت ظلال المشاعل ترسم أطيافا حزينة باكية.
Página desconocida