Así habló Nasr Abu Zayd (Parte Uno): Del texto del Corán a los discursos del Corán
هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن
Géneros
2
منذ وفاة النبي محمد عليه السلام، ومنذ جمع القرآن بين دفتي مصحف، وعملية محاولة فهم وتأويل وتفسير القرآن يقوم بها المسلمون؛ لاستخراج المعاني التي يضبطون بها مجريات حياتهم. وعملية الفهم احتاجت إلى إيجاد أسس فكرية ومعرفية، يقوم عليها فهم القرآن واستنباط أحكام ودلالات منه. ومع اتساع عدد ورقعة المسلمين، واختلاف الثقافات والأعراق. والفرق؛ سياسية وفكرية. فكان السؤال عن طبيعة القرآن، وكيف نفهمه؟ ومع تحديات الجدل بين الدين الجديد وبين الديانة المسيحية، ذات التراث اللاهوتي الطويل المستقر في بلاد العراق والشام ومصر ... إلخ. وبين لاهوت المسلمين الأوائل الذي ما زال يتشكل. ففي نصوص القرآن توتر حول طبيعة الذات الإلهية، فالقرآن يعطي صورة منزهة، تنزيها كاملا عن ذات الله، سبحانه وتعالى بأنه:
ليس كمثله شيء ، وأنه سبحانه:
الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد . وفي جانب آخر يعطي المصحف صورة مجسدة عن الله ، ذات لها يد:
يد الله فوق أيديهما ، وبأنه سبحانه ملك ذو عرش
عرشه على الماء ، فبين التنزيه الكامل، والتشبيه والتجسيد الكامل، هناك توتر في المصحف.
فحاول المسلمون أن يرفعوا هذا التوتر من خلال أسس فكرية، فأخذ المتكلمون المسلمون من الآية السابعة من سورة آل عمران التي أشارت إلى أن القرآن منه
آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ، واستنادا إلى ذلك فإن هناك آيات هي الأصول التي تؤول على أساسها الآيات المتشابهة. فرق المسلمين اتفقت تقريبا، على هذه التفرقة، لكنهم اختلفوا فيما بينهم: ما هي الآيات التي تعد محكمة، وتلك التي تعد من المتشابهات؟ فأخذت كل فرقة ما توافق مع أصولها الفكرية وجعلته من المحكم، وما يختلف مع هذه الأصول؛ هو ما يحتاج إلى التأويل، وكان الصراع بين فرقة المعتزلة وخصومها حول مثل هذا الأمر، ومنها قضية التعبيرات المجازية التي لا تفهم فهما حرفيا، وقضية هل القرآن قديم قدم الذات الإلهية، أم أنه محدث مخلوق، مرتبط بالزمن.
وكذلك الفقهاء المسلمون الذين سعوا لاستخراج الأحكام الفقهية، التي تعد تشريعا قانونيا من القرآن، فوضعوا قواعد للفهم؛ للتفرقة بين الآيات التي جاءت «تنسخ» آيات، وتلغي أحكام آيات أخرى، مما تطلب محاولة التفرقة بين الآيات التي نزلت على النبي عليه السلام بمكة عن تلك التي نزلت بالمدينة، ولتحديد القبلي والبعدي، الحضري والسفري ... إلخ. ولم يقصر البلاغيون في محاولة رفع التوترات الظاهرة بين آيات القرآن، في محاولة دراساتهم عن مصادر إعجاز القرآن، وبنائها على أسس بلاغية ولغوية، حتى إن العرب المشركين بدعوة الإسلام يشهدون ببلاغته، فنجد عبد القاهر الجرجاني يجعل مصدر الإعجاز في القرآن ليس في ألفاظ القرآن المفردة، بل في طريقة نظم الكلمات في نسق، والمدخل لدراسة إعجاز القرآن هو إدراك قوانين الكلام البليغ؛ من خلال دراسة الشعر كمدخل لفهم القرآن واستنباط أحكام ومعان منه، وإن كانت جهود عبد القاهر قد وقفت حسب الدرس البلاغي في عصره عند البلاغة على مستوى بلاغة الجملة.
والمتصوفة من المسلمين وتفريقهم بين الظاهر من معاني القرآن، المدرك بقواعد اللغة وآليات الدرس السائدة في الفقه وفي علوم القرآن، وبين الباطن الذي لا يمكن الوصول إليه إلا عبر المرور بالظاهر ودراسته، وفرقوا بين الشريعة التي تدرك من علوم الظاهر، وبين الحقيقة التي تصل إليها علوم الباطن. وكان للفلاسفة المسلمين، دورهم. فنجد ابن رشد، يضع أساس العلاقة بين مقولات الحكمة التي نصل إليها بالبرهان العقلي، وعدم تناقضها مع الشرع. واعتمد استخدام المجاز لرفع التناقض البادي بين مقولات البرهان وظاهر الشرع؛ لأنهما يخرجان من مصدر واحد.
Página desconocida