Así habló Nasr Abu Zayd (Parte Uno): Del texto del Corán a los discursos del Corán
هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن
Géneros
في النهاية، هذا ليس تجزيئا للقرآن؛ لأن البعض يتصورك أنك ستحول القرآن إلى أشلاء . لا، ليس تجزيئا للقرآن إنما الدراسة هنا تجزيء من أجل التحليل. لا تستطيع أن تحلل نصا إلا إذا جزأته إلى أجزائه الطبيعية. الأجزاء الموجود عليها القرآن الآن، والمتأكدون منها أن هذا الجمع وتلك الأجزاء مختلفة عن حالة التداول التي كان عليها النص. ونحن لا نشكك في شيء أو نقول بترتيب جديد ففيه درجة عالية من العبث في حياتنا الثقافية. هناك فرق بين الدراسة وبين القرآن الذي تلقاه المسلمون على هذا الشكل، هو هيظل القرآن الذي تلقاه المسلمون، لكن البحث العلمي من حقه، كما كان المفسر القديم يفرق ما بين المكي والمدني، وبين ما نزل قبل وما نزل بعد، وبين الناسخ والمنسوخ. من حقي كباحث حديث أن أرجع إلى هذا السياق بغرض الدراسة، لكني لا أقول يا إخوان رتبوا القرآن كما كان منزلا. محاولات ترتيب سور القرآن محاولات مشروعة للدراسة وليس للتلاوة في المساجد، لكن التمييز بين دراسة القرآن وبين تلاوة القرآن للأسف الشديد ليس مدركا في الوعي العام. إن الدراسة لها وسائل ولها أساليب تختلف عن تناول العابد أو المصلي في المسجد أو في البيت، هذا ما حصل خلال هذه السنوات.
إذا لخصته تاني: أنه أصبح عندي وعي بالمشكلات أكثر اتساعا من مشكلات الجدل في مصر أو في العالم العربي، أصبح عندي إدراك أوسع بمشروع الإصلاح في العصر الحديث ومشكلاته ليس فقط في مصر والعالم العربي ولكن على مستوى أوسع. طبعا المشكلات التي نتناقش فيها في الغرب من غير ما أكون في الغرب ما كنت انشغلت كثيرا بقضايا الهجوم على القرآن الهجوم على الإسلام، ومحاولة وضع القرآن والإسلام في معنى واحد، هو نفسه الذي تحاوله القوى التي نسميها الرجعية أو السلفية أو المتزمتة. إحنا محتاجين طول الوقت كمسلمين أن ننخرط في البحث العلمي والدراسة العلمية عن القرآن، وألا نترك ذلك لغير المسلمين. وطبعا أنا لا أقلل من عمل غير المسلمين، لكن أقول إنه قد آن الأوان أن ننخرط في ذلك، ونميز بين التعامل مع القرآن من منظور إيماني والتعامل معه من منظور بحثي.
ثنائية الشرق والغرب - فيه نقطة هنا، في دراستك التي كتبتها سنة 92، فقد وصلت إلى أن خطاب النهضة مسكون بالآخر الغربي، بعد خمس عشرة سنة، أنت أقمت الإحدى عشرة سنة أو أكثر الأخيرة في الغرب، فنظرتك أنت للغرب كباحث، ونصر أبو زيد: هل حدث نوع من التغيير أو تطور أو نمو في نظرتك وفهمك ومفهومك للغرب؟ طبعا أنت زرت من قبل كدارس وكباحث، لكن تأثير الإقامة المستمرة. - ما يحصل أنه حتى من البداية، تفكك مفهوم الغرب، لا يوجد حاجة واحدة اسمها الغرب، تقدر تصدر عليها أحكام، على الأقل في أوروبا وفي أمريكا الشمالية «ما تقدرش» تعمم حكم، داخل أوروبا فيه تعدد. وبعدين لما تقول الغرب، الغرب السياسي أم الغرب الثقافي؛ الغرب ليس كتلة واحدة، ولما بتعيش فيه بتدرك أكثر وبشكل عملي فساد التصور بغرب واحد موحد تقدر أن تصدر عليه حكم، وتعمل عليه جملة مفيدة.
نفس الأمر بالنسبة للإسلام، المسلمون يتشاركون في مجموعة من العقائد ومجموعة من الشعائر. وراء ذلك المسلمون شعوب وثقافات مختلفة جنسيات وأعراق مختلفة، لو أنا ارتكبت نفس الخطأ الذي يرتكبه بعض المفكرين في الغرب. عندما يتكلمون عن العالم الإسلامي باعتباره كتلة واحدة، أنا طبعا عندي ناس في الغرب أعتبرهم أقرب لي من مثقفين في العالم العربي، وفيه مثقفين أعتبرهم خصومي، «زي» مثقفين في العالم العربي. يعني المسألة ليست غرب وشرق، أكثر ما هي أنا عقلية نقدية أم لا، هذا هو الملخص العام.
حتى لما تعيش في المجتمع الهولندي، المجتمع الهولندي ليس كتلة واحدة. لما تعيش في الولايات المتحدة؛ الولايات المتحدة ليست كتلة واحدة، إدراك هذا التنوع والتعدد فيما يسمى الآخر هذه نمرة واحد. نمرة اثنين: ما يسمى الآخر ليس خارج الأنا تماما. ولما قلت إن مشروع النهضة مسكون بالآخر، لولا الآخر ما كان يبقى فيه تفكير في النهضة أصلا.
دائما أحب أن أستخدم مجاز المرآة إذا جاز الاستخدام، الآخر هو المرآة التي أنظر فيها. فالأنا تدرك عيوبها، حتى والآخر هذا «يهاجمني» ويهاجمه، بدون الآخر الأنا «مش» موجودة. لا توجد الأنا في فراغ، الآخر هو الذي يحدد للأنا موقعها، إنها - يعني الذات - على الشمال أو اليمين من الآخر، فلا وجود لشمال ولا يمين، ولا فوق ولا تحت، حتى ثنائية الأنا والآخر فيها شيء من التزييف هائل تاريخيا وفلسفيا، لأنه تاريخيا هذه مشكلة معقدة جدا؛ يعني لما أقول أنا المصري، تاريخيا وثقافيا ورثت ثقافات من العالم كله، العالم القديم كله.
لا بد من تفكيك الأفكار التي يقول عنها أمين الخولي: «تجد خلاء من العقل فتستقر»، لا بد من تفكيك هذه الأفكار سواء المتصلة فلسفيا بالأنا والآخر، أو تاريخيا أو ثقافيا. إن ما أتصوره ثقافات أو رؤى للعالم مختلفة. هذا الاختلاف ليس اختلافا مطلقا، إنما هو اختلاف في نقاط اتفاق في نقاط أخرى، وإن عناصر كثيرة جدا من الثقافات متداخلة ببعضها البعض. يعني لولا الفكر اليوناني والهندي والإيراني والفكر القديم كله لا نقدر أن نتكلم عن حضارة إسلامية ولا فلسفة إسلامية، ولولا الفلسفة الإسلامية لا نقدر أن نتكلم عن النهضة في أوروبا.
نسيج حركة الفكر الإنساني في حركته التاريخية، حضارة بتموت لكن ما يتبقى من هذه الحضارة يتسرب في الحضارة التي ترثها، الآن إحنا لا نعيش في عالم حضارات، نحن نعيش في حضارة واحدة وفيه ثقافات. أي ثقافة معزولة بتموت مثل ثقافة الهنود الحمر «خلاص خلصت»، يعني هم موجودون في السينما الأمريكية، لكن هذه الثقافة تم امتصاصها في الثقافة الأمريكية الحديثة. لا توجد ثقافة تعيش وحيدة؛ أي ثقافة منعزلة عن الثقافات الأخرى فهي تحكم على نفسها بالموت، وهذا تصور نظري، أعتقد أن حياتي في الغرب لو صح هذا التعبير كما نقول، جعلتني أدرك بشكل أعمق أن أي تعميمات هي خطأ فلسفي وخطأ تاريخي.
الآن السؤال الذي يشغلني جدا: هل يمكن أن نعمل مصالحة بين العقلانية وبين التدين، أو مصالحة بين العلمانية وبين الروحانية بشكل عام؟ الأسئلة هذه ناتجة من انخراطي في الجامعة والتدريس والاحتكاك برؤى العالم المختلفة من خلال الجامعة، جامعة الإنسانيات. إن الرؤى المختلفة للعالم سواء نتكلم عن ثقافات يهودية، مسيحية، إسلامية، أو نتكلم عن «الهيومانيزم»، أو نتكلم عن الثقافات الهندية البوذية والكونفوشيوسية ... إلخ.
داخل هذه الثقافات على تعددها واختلافها إيمان أو بعد ما أعلى وأرقى في علاقة الإنسان بالكون، وفي علاقة الإنسان بالعالم الذي يعيش فيه، في العالم الآن وعي شديد جدا بالجريمة التي ارتكبها الإنسان في حق البيئة، وإلى أي حد التحدي الذي خلقه طمع الإنسان في البيئة، سيؤثر على الإنسان نفسه. هذا إدراك؛ لأن الإنسان ليس سيد الكون وإنما هو جزء من العالم، وكجزء من هذا العالم عليه أن يتعامل مع هذا العالم. هذا في جوهره فكر ديني، ليس بالمعنى اللاهوتي ولا بالمعنى المؤسساتي، وإنما أن الإنسان ليس وحيدا في هذا العالم، وأنه تربطه وشائج عميقة جدا بما هو وراء المنظور.
Página desconocida