Así habló Zaratustra: Un libro para todos y para nadie
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Géneros
يقول المنفرد في نفسه: «لا أطيق وجود أحد بقربي.» ولكثرة ما يقف محدقا في ذاته تظهر التثنية فيه، ويقوم الجدال بين شخصيته وبين ذاته فيشعر بالحاجة إلى صديق، وما الصديق للمنفرد إلا شخص ثالث يحول دون سقوط المتجادلين إلى الأغوار كما تمنع المنطقة المفرغة غرق العائمين.
إن أغوار المنفرد بعيدة القرار، فهو بحاجة إلى صديق له أنجاده العالية، فثقة الإنسان في غيره تقوده إلى ثقته بنفسه، وتشوقه إلى الصديق ينهض أفكاره من كبواتها.
كثيرا ما يقود الحب إلى التغلب على الحسد، وكثيرا ما يطلب الإنسان الأعداء ليستر ضعفه ويتأكد إمكانه مهاجمة الآخرين.
من يطمح إلى اكتساب الصديق وجب عليه أن يستعد للكفاح من أجله، ولا يصلح للكفاح إلا من يمكنه أن يكون عدوا. يجب على المرء أن يحترم عداءه في صديقه؛ إذ لا يمكن لك أن تقترب من قلب صديقك إلا حين تهاجمه وتحارب شخصيته.
أنت تريد الظهور أمام صديقك على ما أنت عليه هاتكا كل ستر عن خفايا نفسك، فلا تعجب إذا رأيت صديقك يعرض عنك ويقذف بك إلى بعيد.
من لا يعرف المصافعة يدفع بالناس إلى الثورة عليه، فاحذر العري، يا هذا، لأنك لست إلها، والآلهة دون سواهم يخجلون من الاستتار.
عليك بارتداء خير لباس أمام صديقك، لتهيب به إلى طلب المثل الأعلى: الإنسان المتفوق.
أفما تفرست يوما في وجه صديقك وهو نائم لترى حقيقته؟ أفما رأيت ملامحه إذ ذاك كأنها ملامحك أنت منعكسة على مرآة مبرقعة معيبة؟ أفما ذعرت لمنظر صديقك وهو مستسلم للكرى؟
ما الإنسان، أيها الرفيق، إلا كائن وجب عليه أن يتفوق على ذاته، وعلى الصديق أن يكون كشافا صامتا، فأمسك عن النظر علنا إلى كل شيء ما دمت قادرا في غفلتك على كشف كل ما يفعله صديقك في انتباهه. عليك أن تحل الرموز قبل أن تعلن إشفاقك، فقد ينفر صديقك من الإشفاق ويفضل أن يراك مقنعا بالحديد وفي عينيك لمعان الخلود.
ليكن عطفك على صديقك متشحا بالقسوة وفيه شيء من الحقد، فيبدو هذا العطف مليئا بالرقة والظرف.
Página desconocida