Así habló Zaratustra: Un libro para todos y para nadie
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Géneros
هكذا تكلم زارا ...
حشرات المجتمع
سارع إلى عزلتك، يا صديقي، فقد أورثك الصداع صخب عظماء الرجال، وآلمتك وخزات صغارهم، إن جلال الصمت يسود الغاب والصخور أمامك، فعد كما كنت شبيها بالدوحة التي تحب، الدوحة الوارفة الظل المشرفة على البحر مصغية في صمتها إلى هديره.
على أطراف حقول العزلة تبدأ حدود الميادين حيث يصخب كبار الممثلين ويطن الذباب المسموم. لا قيمة لخير الأشياء في العالم إن لم يكن لها من يمثلها، والشعب يدعو ممثليه رجالا عظاما، إنه يسيء فهم العظمة المبدعة، فيبتدع من نفسه المعاني التي يجمل بها ممثليه والقائمين بالأدوار الكبرى على مسرح الحياة.
إن العالم يدور دورته الخفية حول موجدي السنن الجديدة. وحول لاعبي الأدوار على مسرح الحياة يدور الشعب وتدور الأمجاد، وعلى هذه الوتيرة يسير العالم.
إن للاعب الأدوار ذكاءه، ولكنه لا يدرك حقيقة هذا الذكاء؛ لانصباب عقيدته إلى كل طريقة توصله لخير النتائج وإلى كل أمر يدفع بالناس إلى وضع ثقتهم به.
غدا سيعتنق هذا الرجل عقيدة جديدة، وبعد غد سيستبدل بها أجد منها، ففكرته تشبه الشعب تذبذبا وتوقدا وتقلبا.
إن ممثل الشعب يرى بالتحطيم برهانه، وبإيقاد النار حجته، وبإراقة الدماء أفضل حجة وأقوى دليل. إنه ليعتبر هباء كل حقيقة لا تسمعها إلا الآذان المرهفة، فهو عبد الآلهة الصاخبة في الحياة.
إن ميدان الجماهير يغص بالغوغاء المهرجين، والشعب يفاخر بعظماء رجاله فهم أسياد الساعة في نظره، ولكن الساعة تتطلب السرعة من هؤلاء الأسياد، فهم يزاحمونك، يا أخي، طالبين منك إعلان رفضك أو قبولك، والويل لك إذا وقفت حائرا بين «نعم» وبين «لا ».
وإذا كنت عاشقا للحقيقة فلا يغرنك أصحاب العقول الرعناء المتصلبة، وما كانت الحقيقة لتستند يوما إلى ذراع أحد هؤلاء المتصلبين.
Página desconocida