Así habló Zaratustra: Un libro para todos y para nadie
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Géneros
وا أسفاه! ما أقل القلوب التي تصمد بوجه الزمان! وليس في سواها ما يعزز الروح في حين يسطو الخور على سائر القلوب، وما أكثر الجبناء! فهم السوقة الدخلاء على الحياة.
لا بد لمن كان على مثالي أن يصادف في طريقه ما صادفت، ولا مناص له من أن يكون رفاقه الأولون أشلاء أموات ومتمرني ألعاب.
وإذا ما مر بهؤلاء أتته الفئة الثانية من رهط المؤمنين يسودهم كثير من الحب وكثير من الجنون وإجلال الطفولة وخشوعها. فليحترس من كان على مثالي أن يولي هذه الفئة عواطفه؛ لأن العارف بضعف الإنسانية وتقلبها لا يثق بدوام زهو المروج أيام الربيع.
ولو كان هؤلاء المؤمنون على غير ما هم عليه من غريزة لتبدلت إرادتهم، وليس للنقص أن يجاري الكمال، فعلام نشكو إذا صارت ناضرات الأوراق إلى الذبول؟
دع الأوراق تنتثر، دعها تذهب مع الريح، أي زارا، وكف عن الشكوى، فخير لك أن تساعد بزفيرك الرياح الهابة على أغصانها.
انفخ على هذه الأوراق، يا زارا، ليتبدد من حولك كل شيء عراه الذبول .
2
يقول الآبقون إنهم إلى التقى راجعون، وأكثرهم جبان لا يجسر حتى على التعلل بتقواه في خروجه، ولكنني أنظر إلى هؤلاء الخائفين، وأعلن لهم بوجههم أنهم قد عادوا إلى الركوع والصلاة، فأقول لكل منهم: إذا لم تكن إقامة الصلاة عارا على الناس فهي عار على أمثالك وأمثالي ممن تنبه شعورهم في تفكيرهم، إن صلاتك تعد منكرا عليك؛ لأنك تعلم أن الشيطان الكامن فيك الذي يحلو له كتف ذراعيه تائقا إلى حياة الرخاء يوسوس في روعك قائلا لك: إن الله موجود. فأنت آبق يهرب من النور؛ لأن النور يشغل تفكيره فاذهب الآن في ضلالك سادرا، وتوغل كل يوم في لبدات الظلام.
والحق أنك أحسنت اختيار الحين للانطلاق، وقد بسطت طيور الليل أجنحتها فهذه ساعة أبناء الظلام المضربين عن الأعمال. لقد حانت ساعة الاصطياد وما هذا الصيد الذي تقدم عليه مهاجمة وعراكا بل هو انزواء في كمين وتراخ وصمت لا يسمع فيه غير همسات الصلاة. ذلك هو صيد أدعياء الحكمة ينصبون فيه شراكا للقلوب فكلما هتكت سترا رأيت وطواطا صغيرا ينطلق من ورائه، ولعله كان مختفيا مع وطواط صغير آخر؛ لأنني في كل جهة أرى جماعات تستتر وما ينبعث عنها من رائحة التقى يستجلب إليها رهطا جديدا من المتقين، فهم يجتمعون لإحياء الليالي قائلين فلنعد إلى حالة الطفولة ولنناج الإله الصالح، يقولون هذا بعد أن تكون معدهم امتلأت بالحلوى من صنع أهل التقى، وهم يجتمعون أحيانا في أوقات السمر؛ ليشهدوا حركات عنكب محتال يقف وراء الكمين ملقيا على رفاقه العناكب مواعظ الحكمة قائلا لهم: إن خير ما يرتاح العناكب إليه إنما هو حبك نسيجها في ظلال الصليب.
أتراهم يقضون أياما طويلة يلقون الشباك في المستنقعات معتقدين أنهم يسبرون الأغوار، ولا يعلمون أن من يمضي الوقت بالصيد حيث لا أسماك لا يصح أن يدعو عمله حتى محاولة سطحية؟
Página desconocida