Así habló Zaratustra: Un libro para todos y para nadie

Filiks Faris d. 1358 AH
173

Así habló Zaratustra: Un libro para todos y para nadie

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

Géneros

ابصق على هذه المدينة وعد أدراجك.

ومد زارا يده مطبقا فم المجنون المزبد في حدته قائلا له: أما آن لك أن تصمت؟ لقد تحملت طويلا حركاتك وأقوالك، ما الذي دعا بك إلى الإقامة على ضفاف هذا المستنقع حتى أصبحت أنت أيضا ضفدعا وعقربا؟

أفما تسيل في عروقك أنت أيضا دماء المستنقعات الفاسد؟ فها أنت تحسن النقيق وتجيد اللعن.

لماذا لم تطفر إلى الغاب، لماذا لم تذهب لحرث الأرض؟ أفليس في كل جهة من البحر جزيرة خضراء؟

إنني أحتقر احتقارك، وقد كان عليك أن تبذل نصحك لنفسك قبل أن تجود به علي، فإن احتقاري وهو الطائر النذير لن يتعالى من أقذار المستنقعات، بل يهب من مواطن الحب والأشواق.

لقد لقبوك بسعدان زارا، أيها المجنون المزبد، أما أنا فأدعوك خنزيري، ألا فانقطع عن هذا الخوار وإلا دفعت بي إلى استنكار ما مدحت به سكرات الجنون.

ما الذي يهيب بك إلى رفع هذه الأصوات المنكرة؟ إن الناس لم يوجهوا إليك ما كنت تتوقع من ثناء؛ لذلك جلست إلى أكوام الأقذار مزمجرا صاخبا، مفتشا فيها على ما تسلح به انتقامك، أتظن أن أمرك قد خفي علي؟ وهل هذا الإزباد إلا من إرغاء الضغينة في قلبك؟

اصمت فإن كلماتك تلحق الضرر بي حتى ولو كمنت الحقيقة فيها، ولو انطوت ألف حقيقة في ما أقول؛ لأنك تسيء إلي بأقوالي نفسها.

هكذا تكلم زارا، وهو يتلفت إلى المدينة متنهدا، ثم صرخ بعد صمت طويل: لقد كرهت هذه المدينة العظمى أنا أيضا، وليس هذا المجنون من يثير كراهتي فحسب! فهي مثله وهو مثلها وليس فيهما ما يقبل إصلاحا أو زيادة فساد.

ويل لهذه المدينة العظمى، وليت تجتاحها أعاصير النار فتذريها رمادا؛ إذ لا بد من انطلاق مثل هذه الأعاصير منذرة بالظهيرة العظمى، ولكن انطلاقها مرهون بزمانها ومقدراتها.

Página desconocida