ما لي بما تحت ثوبها خبر
ولا بفيها ولا هممت بها
ما كان إلا الحديث والنظر.»
فأطرقت بثينة خجلا ثم قالت: «ذلك عهدنا بجميل، ولولا ذلك ما رأيتني أسعى إليك وحدي.»
فلا تسل عن استغراب حسن والراعي ما رأياه حتى هانت على حسن نفسه؛ لأنه لم يكن يظن أنه يستطيع ما استطاعه جميل إذا التقى بسمية.
قضى جميل وبثينة ساعة في مثل ذلك ثم نهضت فودعته أحسن وداع، فودعها بمثله، وانصرف كل منهما في سبيله وكل منهما يمشي خطوة ثم يلتفت إلى صاحبه.
فلما تواريا نهض حسن من بين الأعشاب مذهولا وقال للرجل: «لقد رأيت منظرا طالما تاقت نفسي لمشاهدته، إنه منظر يخجل منه كل ضعيف النفس دنيء الطبع. إن العفة يا أخا العرب خير ما في الفضائل.»
فقال الشيخ وهو ينقر بعصاه على عباءته لنفض التراب عنها: «كيف لا وقد سمعت ابن عباس - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «من عشق فعف فمات فهو شهيد.» وقال أيضا: «عفوا تعف نساءكم».»
فقال حسن: «صدق رسول الله، وإن بني عذرة كلهم لشهداء؛ فقد بلغني مثل ذلك عن كثير من عشاقهم ولكنني لم أصدق حتى رأيت ذلك رأي العين.»
Página desconocida