187

وليس الإحرام من مكة شرطا، فلو أحرم للحج من أي المواقيت أو من خارج الميقات جاز ما لم يلحق بأهله، هذا هو المذهب. وعند الأمير المؤيد والشيخ النجراني: إن جاوز الميقات لم يكن متمتعا. والأولى أن يكون إحرامه للحج من المسجد الحرام، والوجه فيه فضيلة المكان، فقد علم أن له أثرا في مضاعفة الثواب، كالصلاة في المسجد الحرام ونحوه. ولا يقال: لو كان أفضل لأشار به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولفعله الصحابة الذين أحرموا من مكة معه؛ لأنه يكفي ما علم من فضل المسجد الحرام. ولعل الصحابة لم يفعلوا ذلك لبعض الأعذار كمشقة الاجتماع في المسجد الحرام، أو لتعسر المرافق أو نحو ذلك. وعلى الجملة هو مثل الصلاة، فقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بهم في المنزل الذي نزل فيه مدة إقامته صلى الله عليه وآله وسلم بظاهر مكة أربعة أيام، الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، وتوجه إلى منى ضحى يوم الخميس. فلا يقال: إن الصلاة خارج المسجد الحرام أفضل لذلك، هذا معلوم لكل ذي علم، بل يحمل تركه صلى الله عليه وآله وسلم لمعنى وإن لم يظهر. والأقرب أنه لضيق المسجد الحرام في ذلك الوقت، وقد كان معه صلى الله عليه وآله وسلم مائة ألف من المسلمين، ولم تكن قد ظهرت الاستدارة على الكعبة، ولو لم يكن إلا لبيان جواز الصلاة خارج المسجد لكان وجها، وهكذا في كثير مما دل على فضله الدليل أو شرعيته، وإن لم يفعله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يقال: إن فعله بدعة، كما لهج بذلك من لا تحقيق عنده لمعنى السنة والبدعة. فليست السنة مقصورة على فعله صلى الله عليه وآله وسلم، والمقام يحتاج إلى مزيد بسط ليس هذا محله.

Página 194