El relato de Isa ibn Hisham
حديث عيسى بن هشام
Géneros
وهل هذا القانون ينطبق حكمه على حكم الشرع الشريف والسنة المطهرة، وإلا فإنهم يحكمون فيكم بغير ما أنزل الله؟
عيسى بن هشام :
المسألة فيها خلاف، فالإجماع تام عند علماء الشريعة في السر والنجوى على أنه مخالف للشرع، وأن كل من يقضي به داخل تحت نص الآية الشريفة:
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون
ولكن يظهر أنه مطابق عندهم للشرع في حالة الجهر والعلن؛ بدليل ما أعلنه أحد كبرائهم عند نشر هذا القانون، وهو يومئذ مفتي نظارة الحقانية، فقد أقسم الأيمان المغلظة على فتواه التي أفتاها بأن هذا القانون الفرنسي غير مخالف للشرع الإسلامي، وإن كان لا عقاب في هذا القانون على الفسق واللواط مع رضا المفسوق به إن تجاوز عمره الثانية عشرة بيوم واحد، ولا عقاب فيه على من يزني بأمه إذا هي رضيت وكانت غير متزوجة، وهو الذي يعد الأخ مجرما جانيا إذا تعرض لحماية عرض أخته والمدافعة عنه، وكذلك بقية أهلها ما عدا زوجها، وهو الذي يقبل شهادة المرأة الواحدة على الرجل، وهو الذي لا يعاقب الزوج إذا سرق من امرأته، ولا المرأة من زوجها، ولا الولد من أبيه ولا الأب من ابنه.
وأما المحاكم المختلطة - وقضاتها من الأجانب - فهي تختص بالنظر فيما يقع من الخصومات بين الأهالي والأجانب وبين الأجانب وبعضهم في الحقوق المدنية؛ أعني في قضايا المال، ولما كان الأجانب هم أحق وأولى بالغنى لسعيهم وجدهم، وكان المصريون أخلق بالفقر وأجدر لإهمالهم وتوانيهم، كان معظم القضايا التي تحكم فيها هذه المحاكم لا بد أن تنتهي بسلخ المصري من ماله وعقاره.
وأما المجالس التأديبية فهي تختص بالنظر في عقاب الموظف الذي يخل بتأدية وظيفته - وهي تتألف في الغالب من نفس الرؤساء الذين يتهمونه - وحدها في العقاب الرفت والحرمان من المعاش، وما بقي من درجات العقاب فالنظر راجع فيه إلى المحاكم الأهلية.
وأما الجالس الإدارية فهي تختص بعقاب من يخالف اللوائح والأوامر والمنشورات، وشرح ذلك يطول.
وأما المحاكم العسكرية فهي تختص بالنظر في عقاب المتهمين من الضباط والجنود، وتحكم أيضا على الأهالي في مسائل القرعة وما شاكلها.
وأما المحاكم القنصلية فهي تختص بالنظر في الجنح التي تقع من الأجنبي على المصري ومن الأجنبي على الأجنبي من جنس واحد، فإذا وقعت جناية من أجنبي على مصري فليس لها في مصر من حكم أو عقاب، ولا تختص أي محكمة من كل هذه المحاكم التي عددتها لك بالنظر فيها، بل يرتد الجاني بالقضية إلى وطنه ومسقط رأسه وديار قومه، فينظر قضاته هناك في أمره، والغالب في مثل هذه الحال عندهم أن ينتهوا بتبرئة المجرم بعلل معلومة مثل: «عدم ثقتهم بتحقيق البوليس المصري، وضياع معالم القضية، وعدم توفر الشهود».
Página desconocida