وحينئذ مال الرجل الذي يجلس على الجانب الأيمن على الرجل الأوسط وهمس ببضع كلمات، ثم قال له: خذه إليهم.
وقال الرجل الذي كان يجلس على الجانب الأيمن: اتبعني يا عبد الباقي أفندي.
وقام عبد الباقي أفندي زائغ النظرات مبهوتا ضائعا، وتعثر خطوتين ليلقي بنفسه أمام الثلاثة الآخرين، وقال أوسطهم: لقد كذبت يا عبد الباقي أفندي. - أنا في عرضك. - لقد وجب قتلك. - من أجل ابنتي التي سأزوجها. - لقد كذبت. - آخر مرة.
والتفت إلى الرجل الواقف وقال له في تسامح: خذ منه المبلغ كله مع ما أخفاه واتركه يمضي.
وقفز عبد الباقي أفندي هاتفا: يحيا العدل، يحيا العدل.
وبأصابع مرتعشة أخرج من الطربوش العشرين جنيها، وأعطاها ليد اختطفتها منه وراح يقفز من القصب، وهو يهتف: يحيا العدل، يحيا العدل.
وراح يجري وينكفئ ويلهث ويقوم ويجري وهو يهتف: يحيا العدل، يحيا العدل.
ودخل القرية وهو يهتف وتحلق حوله الفلاحون، فراح يتفلت منهم وهو يهتف: يحيا العدل.
ودخل بيته وانكفأ على الأريكة: يحيا العدل.
وسألته زوجته: أين ثمن البقرة؟ - يحيا العدل. - البقرة يا عبد الباقي أفندي، أين ثمن البقرة؟ - يحيا العدل.
Página desconocida