La Modernidad: Una Introducción Muy Corta
الحداثة: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
ولكن المثال الذي يطرحه ستيفن في رواية «لوحة فنان» هو مثال كانطي للغاية، وهو المثال الخاص بالنظر إلى سلة عادية: «تنتقل من نقطة إلى نقطة، تقودك خطوطها الجامدة فتدركها كجزء متوازن مع جزء آخر داخل حدودها، وتشعر بإيقاع بنيتها؛ أنها «شيء»، وتدركها كمركب معقد، متعدد، منقسم، منفصل مؤلف من أجزائه، وناتج أجزائه ومجموعه هو ما يسبب تناسقه. وهذا هو «التناسق».»
وتمنح وولف هذا النوع من الإدراك مدلولا أعظم بكثير وأقل شكلية، وترى علاقة الشيء ببقية العالم كعلاقة قد تكون كاشفة:
كنت أنظر إلى حوض الزهور بجوار الباب الأمامي؛ قلت: «ذاك هو الكل.» كنت أنظر إلى نبات ذي أوراق ممتدة، وعلى حين غرة بدا واضحا أن الزهرة ذاتها كانت جزءا من الأرض، وأن حلقة كانت تحيط بالزهرة. كانت تلك الزهرة الحقيقية؛ جزء منها هو الأرض أو الحوض المحيط بها، وجزء منها هو الزهرة نفسها، وكانت تلك فكرة احتفظت بها لعلها تفيدني كثيرا فيما بعد.
وقد كانت مفيدة بالفعل:
أشعر أنني قد تلقيت ضربة، ولكنها ليست ضربة، مثلما كنت أظن في الطفولة، مجرد ضربة من عدو مختبئ خلف تفاصيل الحياة اليومية؛ فهي بمنزلة، أو سوف تصبح بمنزلة، كشف لنظام ما. إنها رمز لشيء حقيقي ما كامن خلف المظاهر، وأنا أجعله واقعيا بصياغته في كلمات ... ... إنها النشوة التي أكتسبها حين يتبدى لي أثناء الكتابة أنني بصدد اكتشاف أي شيء ينتمي لأي شيء، أو تأليف مشهد ما بشكل صحيح، أو تركيب خيوط شخصية معا. ومن هذا أتوصل لما أطلقعليه فلسفة. إنها على كل حال فكرة ثابتة لدي أن خلف التفاصيل يكمن نمط، وأننا - أعني بذلك كل البشر - مترابطون من خلال هذا النمط، وأن العالم بأسره هو عمل فني، وأننا جزء من العمل الفني. إن «هاملت» أو رباعية بيتهوفن هي حقيقة هذه الكتلة الضخمة التي نسميها العالم، ولكن لا يوجد شكسبير، ولا يوجد بيتهوفن، وبالتأكيد وبالقطع لا يوجد رب؛ فنحن الكلمات؛ نحن الموسيقى؛ نحن الشيء ذاته. وأنا أرى هذا حين أتعرض لصدمة.
إن هذه الرؤية الحدسية الخاصة بي - التي يبدو من فرط غريزيتها وفطريتها أنها قد وهبت لي وليست من صنعي - قد أضفت ظلالها على حياتي منذ رأيت الزهرة في الحوض بجوار الباب الأمامي في سانت آيفز.
إن ما تقوله وولف يعكس شكا عاما للغاية ساد في القرن العشرين بشأن الادعاءات الجماعية للفلسفة والدين والأيديولوجيا بوجه عام. فالفرد هو من ينظم التجربة مانحا إياها ترابطا منطقيا أقرب لترابط عمل فني أو سرد، وليس ترابط الفلسفة أو الدين. إن «الذات» ليست ملخصا سائرا على قدمين للمبادئ الأخلاقية والفضائل والرذائل - أي المشهد الخارجي - ولكنها شيء يحتفظ «بقصة» فرد ما. وهذا الترتيب الفني، الذي على الرغم من أنه محلي، فإنه غالبا ما يكون قويا وممتدا في آثاره بشكل غير عادي، كما لدى بروست على سبيل المثال، هو ما يعول عليه عدد كبير للغاية من الحداثيين.
إنه يدعم «رؤية» ليلي بريسكو النهائية في رواية «إلى الفنار»؛ فهي تحاول إكمال لوحة تضم «السيدة رامساي وهي جالسة على الدرج مع جيمس» (ولكن السيدة رامساي، التي تعد شخصية محورية في الجزء الأول من الرواية، كانت قد ماتت قبل ذلك بفترة). وتتميز «رؤيتها الكشفية» اللاحقة عن الحياة بتوازن رائع بين طبيعة الشيء المادي، والحدث التاريخي، وطبيعة الفن في منحه الترتيب. وربما كان هذا بالضبط ما يفعله فن الرسم، وربما لم يكن؛ لأنها هنا لا تفكر فحسب في رسمها:
حمدا لله أن بقيت مشكلة الحيز، هكذا دار بخلدها وهي تتناول فرشاتها مرة أخرى. بدت لها اللوحة متألقة، كانت كتلة اللوحة بأكملها مرتكزة على ذلك الوزن. من المفترض أن تكون جميلة وبراقة على السطح، وخفيفة وباهتة؛ حيث يذوب لون داخل الآخر مثل ألوان جناح الفراشة، ولكن من أسفل لا بد أن تثبت أجزاء القماش معا بمسامير حديدية.
وبينما ترى من النافذة أن شخصا قد ولج إلى حجرة الرسم خلف اللوحة، وتخشى أن يفسد ذلك تصميم لوحتها الكنافا، يدور بذهنها أن:
Página desconocida