ما يكف الإنسان معه عن الكفاح أحيانا فيهجر المكان الذي يأوي إليه النمر بعد أن يكون قد أكل بضع مئات من التعساء المساكين، فيعد النمر، إذ ذاك، حيوانا جديدا، فيسمى «أكال الرجال»، ومما ذكره هنتر أن أكال رجال افترس 108 من الناس في ثلاث سنوات، وأن أكال رجال ثانيا افترس 80 شخصا في سنة واحدة، وأن أكال رجال ثالثا أوجب هجر الناس لثلاث عشرة قرية فحول 650 كيلو مترا مربعا من الأراضي إلى صحراء، وأن أكال رجال رابعا قتل 127 شخصا في سنة 1869 فقطع طريقا عظيمة لعدة أسابيع.
وتمنح الحكومة الإنجليزية جوائز سنية لمن يبيدون تلك الضواري، ولكن الأهالي لا يجرءون على ذلك، تقريبا؛ لما تلقيه هذه الضواري من الرعب في قلوبهم، ولما يعد به الهندوس أكال الرجال ضربا من الآلهة إذا ما افترس بعض الناس.
والهندوس يحترمون الصل،
11
المعروف بالقبرا والذي هو أشد فتكا من النمر، أكثر من احترامهم للنمر، ولا بلد في الدنيا ذا حيات سامة متنوعة كالهند، ومن الحيات ما يخرج من الأرض، ومنها ما يخرج من الماء، وما في ساحل ملبار من الحيات التي تعيش في الماء المالح فذو سم، وما يعيش منها في الماء العذب فغير سام، ويعد الصل من أشد الأفاعي التي تخرج من الأرض خطرا لما تسفر عنه جروحه من الموت الزؤام على الدوام، ومن المتعذر دفاع الإنسان عن نفسه تجاه الأفاعي ما دبت بين الكلأ، وخرجت من شقوق الأرض، وتسلقت المساكن، وتكاثرت بسرعة، مع أن من الممكن تصيد النمر وإنقاذ الهند منه ذات يوم.
والصل حيوان مقدس لدى الهندوس؛ لما يورثهم إياه من الخوف، وهو من صفات وشنو الذاتية فنقش في مختلف المعابد، وهو يلف مطاويه وينتفش متوعدا حديد البصر.
ويقدر العارفون ضحايا النمار والأفاعي من الهنود بعشرين ألفا في كل سنة، والنمار والأفاعي ليست كل ما في الهند من الحيوانات المرهوبة، ففي الهند الفئران وأرجال
12
الجراد وأنواع الحشرات والهوام العظيمة الأضرار.
وتكثر أنواع الذئاب في الهند، وبالفهود وبنات آوى والضباع والكركدن والتماسيح نختم جدول ضواري الهند، ويرى الكركدن في منطقة سندربن على الخصوص، وتكثر التماسيح في الغدران والأنهر وتخرب مجاري المياه.
Página desconocida