وسهل وادي السند مستو، فليس فيه من الانحدار ما تتوجه به الأنهار التي ترويه، فتتسكع هذه الأنهار مبدلة مجاريها أمام أي عائق، وتعدل الأنهر الجافة، التي تحول الأراضي الواسعة إلى صحار بعد خصب، الأنهر الجارية كثرة، وتبصر عدة قنوات فارغة لا تلبث أن تمتلئ بسرعة وقت الفيضان فتصل بين روافد نهر السند، وتؤلف بينها شبكة معقدة متقلبة على الدوام.
وليست مصاب نهر السند أقل تقلبا مما تقدم، فهي تنسد بما تحمله من الرمال الكثيرة فتحدث منافذ أخرى، فيؤدي ذلك إلى تعذر الملاحة فيه تقريبا، كما يؤدي إلى استحالة ازدهار أي ميناء في مخارجه، وأما روافده فتكون تارة مجاري واسعة صالحة لسير السفن الكبيرة، وتكون تارة مجاري مبسوطة فيستطيع السياح أن يعبروها خوضا.
وينحرف نهر السند بالتدريج نحو الغرب فضلا عن تقلب أضواجه،
29
ويفترض أن مياهه كانت توزع توزيعا متساويا، وأنه كان يتلقى روافد أكثر مما يتلقى الآن، وأن الصحراء كانت أضيق مما هي عليه اليوم، ودليلنا على ذلك تسمية كتب الهندوس القديمة لتلك المنطقة ببلاد «الأنهر السبعة» لا بلاد «الأنهر الخمسة» كما تسمى في الوقت الحاضر، ومما جاء في تلك الكتب القديمة وصف لأنهر بأنها مجار واسعة مع أنها غير موجودة في زماننا، ومما نصت عليه تلك الكتب أن سرسوتي كان نهرا جليلا متدفقا إلى أن يصب في نهر السند غضبان أسفا على فرار الإلهة، مع أنه يمحي اليوم في رمال الصحراء، وإلى مثل هذا المصير ينتهي كثير من المجاري، وإن لم تغر تماما ما ادخلت في مسيل واقع تحت الأرض، وما ثبت ذلك من الآبار التي تحفر في اتجاهها بعيدة بعض البعد من المكان الذي توارت فيه.
ونهر السند أطول أنهار الهند، ويبلغ طول مجراه 2900 كيلو متر.
وادى نربدا ووادى تابتي
نربدا وتابتي نهران يفصلان هما والجبال التي يمران بينها المنطقتين الكبيرتين: الهندوستان والدكن، وطول مجرى نربدا 1280 كيلو مترا، وطول مجرى تابتي 700 كيلو متر.
وينبع نهر نربدا في جبال أمر كنتك التي هي عقدة جبال الهند الوسطى، ويجري من الشرق إلى الغرب بسرعة نحو البحر، وذلك في مجرى ضيق عميق واقع بين سلسلة جبال سات بورا وسلسلة جبال وندهيا، ولا يصلح للملاحة؛ لما فيه من الشلالات الكثيرة، ويبدو ذا مناظر ساحرة عند مضيق «صخور الرخام الأبيض» غير البعيد من منبعه فتجري المياه منه صافية هنالك فيكتسب معها صباح مساء ألوانا عجيبة بفعل أشعة الشمس.
ويقدس الهندوس نهر نربدا بعد نهر الغنج، ويأتون إليه من الأماكن البعيدة؛ ليغتسلوا في مياهه، وليأخذوا من ضفافه حصيا يتخذونها تمائم وتعاويذ غالية قادرة، وكان من تزاحم الحجيج على ضفافه في كل زمن أن فتح الدكن للمؤثرات الأجنبية بما لا يتم بقوة السلاح.
Página desconocida