============================================================
رجل من أمتك ضرير يحفظ القرآن يسلم عليك فلم حرمته الرد عليه؟ فقال له: يا أبا الحسن هذا يلعنك ويلعن ولدك منذ ثلاثين سنة، فالتفت الرجل الواقف فقال: يا قنبر، فاذا آنا برجل قد برز، فقال: اصفعه فصفعه صفعة فخر على وجهه، ثم انتبهت فلم أسمع له صوتا! وهذا هو الوقت الذي جرت عادته بالصياح والطواف والتذكير. قال أبو الفرج : فقلت أيها الأمير تتفذ من يعرف خبره، فأنفذنا في الحال رسولا قاصدا ليخبر أمره، فجآء نا يعرفنا أن امرأته ذكرت انه عرض له في هذه الليلة حكاك شديد في قفاه (1) فمنعه من التطواف والتذكير، فقلت لأبي علي المستأمن : أيها الأمير هذه آية ونحب أن نشاهدها، فركبنا وقد بقيت من الليل بقية يسيرة، وجئنا إلى دار الضرير فوجدناه نآئتا على وجهه يخور، فسالنا زوجته عن حاله، فقالت : انتبه وحك هذا الموضع، وأشارت إلى قفاه، وكان قد ظهر فيه مثل العدسة، وقد اتسعت الآن وانتفخت وتشققت، وهو الآن على ما تشاهدون يخور ولا يعقل، فاتصرفنا وتركناه، فلما أصبح توفي فاكب أهل صور على تشييع جنازته وتعظيمه. قال أبو الفرج: واتفق أني لما اال وردت إلى باب عضد الدولة بالموصل في سنة ثمان وستين وثلاثمآئة لزمت دار خازنه ابي نصر خرشيذ يزديار بن مافته، وكان يجتمع فيها كل يوم خلق كثير من طبقات الناس، فحدثت بهذه الحكاية جماعة في دار أبي نصر: منهم القاضي أبو علي التنوخي رحمه الله، وأبو القاسم الحسين بن محمد الجنابي، وأبا إسحاق النصيبي، وابن طرخان وغيرهم، فكلهم رد علي واستبعد ما حكيته على أشنع وجه غير القاضي أبي علي رحمه الله فانه جوز أن تكون هذه الحكاية صحيحة وشيدها وحكى في مقابلتها ما يقاربها، ثم مضت على هذه مديدة(1) يسيرة، (1) في الأصل سقطت (قفاء) .
(2)في الأصل: (مدة) (48
Página 61