Jardines Lucidos
الحدائق الناضرة
واما الرواية فمن وجوه أيضا عديدة : (أحدها) ان هذا الخبر وما ضاهاه مما استدلوا به اخبار آحاد لا تفيد إلا الظن ، والمسألة من الأصول المطلوب فيها القطع عندهم. و (ثانيها) ان هذا الخبر وما شاكله موافق للعامة ، لدلالتها على التثنية في الأحكام بالحل والتحريم وانه لا وجود للتشابه فيها ، وانه لا توقف ولا احتياط في شيء من الأحكام كما هو مذهبهم ، والاخبار التي قدمناها دالة على التثليث والتوقف ووجوب الاحتياط في بعض وهو المتشابه ، وقد تقرر في أخبارنا وجوب الأخذ بخلافهم فان الرشد فيه. و (ثالثها) ان المفروض في الخبر المذكور عدم وجود النهي وعدم حصول العلم ، والحال ان النهي موجود فيما أشرنا إليه آنفا من الاخبار وهو النهي عن القول بغير علم في الأحكام الشرعية والنهي عن ارتكاب الشبهات ، وحصل ايضا العلم منها وهو العمل بالاحتياط في بعض افراد موضع النزاع والتوقف في بعض ، وعلى هذا يكون مضمون هذا الخبر وأمثاله مخصوصا بما قبل إكمال الشريعة أو بمن لم يبلغه النهي العام المعارض لهذه الاخبار ، فيبقى الآن مضمونها غير موجود عند العلماء العارفين بمعارضاتها. و (رابعها) الحمل على الخطابات الشرعية ، وحاصل معناه : ان كل خطاب شرعي فهو باق على إطلاقه وعمومه حتى يرد فيه نهي في بعض افراده يخرجه عن ذلك الإطلاق ، مثل قولهم : «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر» (1). و «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه» (2). ونحو ذلك من القواعد الكلية والضوابط الجلية. و (خامسها) ان العمل بهذا الخبر وما شابهه خلاف الاحتياط وما يقابلها موافق للاحتياط ، فإنه لا خلاف في رجحان
Página 49