ثمّ صالحوه على الجزية، وقالوا: ابعث معنا رجلا أمينا من أصحابك، فقال: «لأبعثنّ معكم [رجلا] أمينا حقّ أمين»، فبعث معهم أبا عبيدة بن الجرّاح ﵁، وقال: «هذا أمين هذه الأمّة» «١» .
ومنهم: وفود (اليمن)، فأسلموا، فقال: «أتاكم أهل (اليمن)، هم أرقّ أفئدة، وألين قلوبا، الإيمان يمان، والحكمة يمانية» «٢» وبعث معهم معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعريّ ﵄.
وقدم عليه: كعب بن زهير ﵁، وكان النّبيّ ﷺ قد أهدر دمه لشعر عرّض فيه بالنّبيّ ﷺ، فأسلم واعتذر إليه ممّا كان منه، وأنشده في المسجد قصيدته المشهورة: (بانت سعاد) فقبل عذره وكساه بردته ﷺ.
وفيها-[أي: السّنة التّاسعة]-: كانت غزوة (تبوك) إلى (الشام) لقتال الرّوم، فخرج ﷺ في سبعين ألفا من المسلمين، وخلّف على (المدينة) عليّا ﵁، فقال: أتخلّفني في الصّبيان والنّساء؟ فقال ﷺ: «ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» «٣» /.
فلمّا بلغ (تبوك) وهي أدنى بلاد الرّوم، أقام بها بضع عشرة ليلة، ولم يلق عدوّا، وصالح جملة من أهل تلك النّاحية على الجزية.
ثمّ رجع إلى (المدينة) وجاءه المنافقون يعتذرون إليه لتخلّفهم