مؤلّفات المؤرّخين وأصحاب المغازي والملاحم لا تصل إلى تلك الرّفعة الّتي حظيت بها كتب المحدّثين؛ ذلك لأنّ المحدّثين كانوا لا ينقلون في كتبهم إلّا عن الثّقات، ويطرحون ما لم يصحّ عندهم من الرّوايات، ويذكرون الأحاديث الصّحيحة، ويبتعدون عن تدوين الأحاديث الضّعيفة، ويهجرون الرّوايات الموضوعة والمنحولة.
لقد كان المؤلّف- رحمه الله تعالى- أحد أولئك المحدّثين، حيث نهج في كتابه هذا منهجهم، فانتقى الأحاديث الصّحيحة، والأخبار الثّابتة، واختار موضوعاته من أمّهات كتب السّيرة النّبويّة الّتي قرأها وتعلّمها. ولا عجب في ذلك، فهو ممّن عرف بطول اليد في علم الحديث وفنونه.
فجاء الكتاب جليل النّفع، عظيم الفائدة، عزير المعلومات، واضح الأسلوب، جزل العبارة.
نسخ الكتاب:
اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على نسختين خطّيتين:
الأولى: نسخة (دار الكتب المصريّة)، برقم (١٢٦١)؛ وهي من كتب المرحوم (جعفر أفندي بناسكجي)، الّذي آل الكتاب إليه من مكتبة المرحوم المبرور (موسى بن السيد جعفر مبرك) طاب ثراه، تقع في ستّ وثلاثين ومئة ورقة، في كلّ ورقة ثلاثة وعشرون سطرا، خطّها نسخيّ متقدّم، ليس عليها ما يشير إلى اسم ناسخها،
الثّانية: نسخة مكتبة الأحقاف بتريم. عدد أوراقها سبع ومئة ورقة، ومتوسّط عدد أسطرها خمسة وعشرون سطرا، خطّها بين الثّلث والنّسخ المعتاد. ذات الرّقم (٣٠١٠) . لم أجد ما يشير إلى اسم ناسخها، كان الفراغ من نسخها يوم الأربعاء سادس عشر ذي القعدة سنة إحدى وأربعين ومئتين وألف للهجرة.
منهج التّحقيق:
١- بعد نسخ المخطوط المعتمد أصلا، قابلته على النّسخة الآخرى، فما كان بين النّسختين أدنى خلاف؛ أثبتّ ما في المخطوط المعتمد أصلا؛ إلا أن يكون خطأ ظاهرا أو زيادات لم ترد في الأصل، فأثبتّ ما في النّسخة الآخرى.
٢- أضفت ما كان مناسبا من العبارة ليستقيم المعنى، وميزته ب []، وهذه الزّيادة اعتمدتّها لدى رجوعي إلى الأصول الّتي نهل المؤلّف منها.
٣- ضبطت النّصّ ضبطا أسأل الله العليّ العظيم أن يكون صحيحا، قريبا إلى الصّواب، كما أراده المؤلّف- ﵀.
1 / 17