واستئجار المقرئين والتباهي بالمشاهير منهم، وربما استدانوا لأجل هذه المظهرية، أو كلفوها من أموال اليتامى القاصرين ظلمًا وعدوانًا:
ثلاثةٌ تَشْقَى بِهِنَّ الدَّارُ ... العُرْسُ والمأتَم ثُمَّ الزَّارُ
في سبيل التطوس
وفي سبيل التطوس، والمظهرية الفارغة يضحى بعضهم بالنفس والنفيس، وربما أشغل ذمته بالدَّين، فأركبه الهم والذلَّ في النهار، وأرَّقه في الليل: * إذا فرح بذَّر في نفقات الِإضاءة، وأسرف في الولائم، مجاراةً للتقاليد الآسرة، ومباراةً للأغنياء والوجهاء، عن أبي هريرة ﵁ قال ﷺ: "المتباريان لا يُجابان، ولا يؤكَلُ طعامُهما " (١).
وعنه ﵁ أيضًا: قال ﷺ: " شَرُّ الطعام طعامُ الوليمة، يُمْنَعُها من يأتيها، وُيْدعَى إليها من يأباها، ومن لا يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله " (٢).
وعن جابر ﵁ قال رسول الله ﷺ: " إن الشيطانَ يَحْضُرُ أحدَكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة، فليُمط ما كان بها من أذى، ثم ليأكلْها، ولا يَدَعْها للشيطان " الحديث (٣).
فكيف بمن يُطعم الشيطان ما لذ وطاب من أصناف المأكولات؟!
وكيف بمن ينبذ في القمامة أكوامًا من الطعام تبكيها أفواه محرومة، وبطون خاوية؟ ويلقي في المزبلة بقايا الولائم في حين يغلي قلبه حسرة على ما ركبه من ذل الدَّيْن وهمه في سبيل " القشور " الفارغة؟!