Guarantees of Women's Marital Rights
ضمانات حقوق المرأة الزوجية
Editorial
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة النبوية / أضواء السلف،الرياض
Número de edición
الأولي
Año de publicación
١٤٢٤هـ
Ubicación del editor
المملكة العربية السعودية
Géneros
ضمانات حقوق المرأة الزوجية
تأليف: محمد يعقوب الدهلوي
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ١. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ٢.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ ٣.
وقال تعالى: ﴿وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ ٤.
_________
١ الآية (١٠٢)، من سورة آل عمران.
٢ الآية (١)، من سورة النساء.
٣ الآيتان (٧٠، ٧١)، من سورة الأحزاب.
٤ الآية (٢١)، من سورة الروم.
1 / 7
كما يزداد المؤمن بصيرة ويقينًا، ويعلم الجاهل ما شرع الله للمؤمنات من ضمانات لحقوقهن، ويفحم المكابر بذلك، ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ ١.
_________
١ من الآية ٣٢ من سورة التوبة.
1 / 8
خطة البحث:
قسمت بحثي إلى مقدمة، ومدخل، وفصلين، وخاتمة.
أما المقدمة: فقد اشتملت على بيان أهمية الموضوع، وخطة البحث، ومنهجه.
المدخل: وفيه تعريف الضمانات لغة واصطلاحًا.
الفصل الأول: الضمانات العامة لحقوق المرأة الزوجية، وفيه ستة مباحث:
المبحث الأول: (الضمان الأول) أن حقوق المرأة الزوجية ثابتة بأحكام شرعية، توعد الله من اعتدى عليها أو قصّر في أدائها.
المبحث الثاني: (الضمان الثاني) أن من الحقوق الزوجية ما لا يمكن التنازل عنه شرعًا.
المبحث الثالث: (الضمان الثالث) أن الشريعة أبطلت التنازل عن الحقوق الزوجية في حال الإكراه والغرر.
المبحث الرابع: (الضمان الرابع) أن الشريعة أبطلت التنازل عن الحقوق الزوجية مسبقًا.
المبحث الخامس: (الضمان الخامس) أن الشريعة حرّمت الأنكحة التي فيها ضرر مادي أو معنوي للمرأة.
1 / 9
المبحث السادس: (الضمان السادس) أن الشريعة ألغت تصرفات الزوج الضارة بالمرأة مما كان سائدًا في الجاهلية، وعاقبت عليها، كالظهار والإيلاء.
الفصل الثاني: الضمانات الخاصة لحقوق زوجية معينة. وفيه أحد عشر مبحثًا.
المبحث الأول: (الضمان السابع) أن الشريعة منعت الولي من عضل موليته إذا أرادت أن تنكح.
المبحث الثاني: (الضمان الثامن) أن الولاية تتحول من الولي الأقرب إلى الولي الأبعد في حالة عضله أو غيابه.
المبحث الثالث: (الضمان التاسع) أن الشريعة جعلت للمرأة الحق في أن تشترط من الحقوق المادية والمعنوية ما فيه مصلحتها.
المبحث الرابع: (الضمان العاشر) لو زوجت المرأة بغير رضاها كان لها حق الفسخ.
المبحث الخامس: (الضمان الحادي عشر) أن الشريعة الإسلامية ضمنت للمرأة مهرها بأوجه عِدَّة.
المبحث السادس: (الضمان الثاني عشر) أن الشريعة جعلت أمر الطلاق بيد الرجل.
المبحث السابع: (الضمان الثالث عشر) أن الشريعة جعلت أمر الطلاق بيدها بالاشتراط.
1 / 10
لقد كثر الحديث عن حقوق المرأة السياسية والاجتماعية والزوجية، وتشدق المتشدقون بالحديث عن الضمانات القانونية لحقوق المرأة الزوجية، في الأنظمة الوضعية، وتحامل أعداء الإسلام على التشريع الإلهي في صيانة حقوق المرأة، مدعين أن الإسلام هضم المرأة حقوقها المختلفة، بحجزها في بيتها، وحبسها في الحجاب، ومنعها من مواكبة التقدم بالسير مع الرجل جنبا إلى جنب، وجعل أمرها في يد الرجل؛ ليضطهدها، ويظلمها كيف يشاء، وتركت في المقابل العنان للرجل يتزوج من يشاء، ويترك من يشاء، إلى غير ذلك من التهم التي لا تخفى على ذي بصيرة تفاهتها، وزيفها، والمقاصد الدنيئة من ورائها، أو جهل المتشدقين بها، بل إنهم نقضوا شعاراتهم التي كانوا يرفعونها من قبل، والتي زعموا فيها عدم تعرضهم للحرية الفردية، وامتناعهم عن التدخل في الأمور الشخصية، نقضوا شعاراتهم تلك، في سبيل الحملة القذرة على الأخلاق الإسلامية، والأحكام الشرعية، فصاروا يكيلون الانتقادات للباس الإسلامي المحتشم، بل ويمنعون المرأة المحتشمة من دخول المراكز العلمية، لمجرد أنها محجبة محتشمة، وغضوا الطرف عن المترجلة العارية من بنات جنسهم، بحجة عدم المساس بالحريات الشخصية، والشئون الفردية، كما حاولوا بشتى الوسائل، مضايقة المسلمة العفيفة، في سبيل أن تصبح كاسية عارية،
1 / 11
ولأهوائهم ملبية، كما أرادوا ذلك لبنات جلدتهم ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيل﴾ ١.
ومن المؤسف أنه نهجَ نهجَهم بعضُ أبناء الإسلام الذين تأثروا بالثقافات الغربية، والتقاليد المتبعة لديهم، والتي جعلت من المرأة سلعة رخيصة تتداولها الأيدي الآثمة، والمقاصد المغرضة، والأهواء الدنيئة، فصاروا يرددون تلك الشعارات البراقة الزائفة، ظنا منهم أنهم بذلك يحسنون صنعا إلى النساء، بإخراجهن إلى جحيم الأهواء والشهوات، ونسوا أو تناسوا أنهن مصونات بأنوثتهن، وحيائهن في ظل أدب الإسلام وحشمته.
وغض أولئك القومُ أبصارهم عما آل إليه أمر المرأة المسكينة في المجتمعات الأجنبية، من انحطاط في السلوك والمكانة، وبعد عن دورها الرائد في تربية الأجيال، وتنشئة القادة والعلماء، وتقاعسٍ عن وظيفتها الأساسية، فأساءوا إليها، وامتهنوا كرامتها، أولم يعلموا أن الله ﷿ قد جعل للمرأة حقوقًا، وألزمها واجبات، وجعل للرجل حقوقًا، وألزمه واجبات، لتنتظم بذلك الحياة، وتستقر المجتمعات، ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ ٢.
_________
١ من الآية ٢٤ من سورة النمل.
٢ الآية ١٤ من سورة الملك.
1 / 12
هذا وقد ضمنت الشريعة الإسلامية للمرأة حقوقها الزوجية – كغيرها من الحقوق – أيما ضمان، وشرعت لذلك من الأحكام التي تكفل للمرأة حصولها على حقوقها الطبيعية، مما يجعلها في مأمن من الضياع، والاضطهاد.
كما حفظ لها كرامتها، وشخصيتها المستقلة، ومكانتها الإنسانية الرفيعة، وألزم الرجال - بتشريع تلك الأحكام - أن يؤدوا حقوقها.
وحيث أن أعداء الإسلام حاولوا، ويحاولون على الدوام إلصاق التهم بالإسلام، بأنه هضم المرأة حقوقها، وأنهم هم الذين ضمنوا حقوقها بسن القوانين التي تحفظ لها تلك الحقوق، أحببت أن أبرز الأحكام الشرعية التي شرعها الله ﷾ ضمانا لحقوق المرأة الزوجية، والتي توضح بجلاء الخطوات التشريعية التي أقرتها الشريعة الإسلامية لصيانة تلك الحقوق الهامة، والمؤثرة في حياة المرأة تأثيرا مباشرًا، وحتى تعلم المرأة المسلمة، وغير المسلمة أن ما شرع الله تعالى من أحكام ضمانا لحقوقها، اشتملت على ما يحقق لها خير الدنيا والآخرة، وأنها بتلك الأحكام غنية عما يدعيه أولئك الذين يرفعون شعارات حقوق المرأة، دون أن يكون تحت تلك الشعارات سوى الخراب والدمار لها؛ لأن ﴿ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ﴾ ١.
_________
١ من الآية ٣٠ من سورة التوبة.
1 / 13
المبحث الثامن: (الضمان الرابع عشر) أن الشريعة جعلت للمرأة الخيار إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي من قبل الزوج.
المبحث التاسع: (الضمان الخامس عشر) أن الشريعة أباحت للمرأة طلب الخلع إن لم تطق العيش مع زوجها.
المبحث العاشر: (الضمان السادس عشر) أن الشريعة أمرت ببعث الحكمين للإصلاح بين الزوجين.
المبحث الحادي عشر: (الضمان السابع عشر) أن الشريعة فرضت للمرأة الميراث ولو طُلقت طلاقًا بائنًا إذا اتهم زوجها بقصد حرمانها من الميراث.
الخاتمة: وتضمنت أهم نتائج البحث.
الفهارس:
١ – فهرس الآيات.
٢ – فهرس الأحاديث.
٣ – فهرس الأعلام المترجم لهم.
٤ – فهرس القواعد الفقهية والأصولية.
1 / 14
منهج البحث:
سرت بعون الله في بحثي هذا على النهج التالي:
١ – بدأت بالنظر في كل موضوع ومسألة، من غير تصور سابق للحكم، وشرعت في البحث عن الأحكام في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وأقوال السلف الصالح، ثم أقوال العلماء المعاصرين، فإن كانت المسألة خلافية، اخترت من هذه الأقوال، ما هو أقرب إلى الكتاب والسنة فرجحته؛ لقربه من الصواب في نظري.
٢ – بدأت بمدخل لكل موضوع لربطه بما قبله، ليسهل تصوره.
٣ – عرفت الموضوع لغة واصطلاحًا، بالرجوع إلى كتب اللغة للتعريف اللغوي، وكتب التعريفات للتعريف الاصطلاحي.
٤ – بدأت بذكر ما ورد في ذلك الموضوع من حكم شرعي؛ كالوجوب والندب والكراهة والحرمة، والإباحة، وبيان أهميته في نظر الشريعة، أو التحذير منه - إن كان -، ثم ذكر ما يتعلق منه بضمانات حقوق المرأة.
٥ – ركزت على المسائل الفقهية الواردة في الكتاب دون الخوض في النواحي التاريخية، أو الاجتماعية، لاختصاص الكتاب بالفقه.
٦ – اعتنيت بتفصيل المواضيع التي تتعلق بضمانات حقوق المرأة.
٧ – التزمت بالمذاهب الأربعة في معرفة الخلاف؛ لما لهذه المذاهب من أهمية لدى المسلمين، ولاستنادها على أصول ثابتة تمكن الباحث من
1 / 15
الوقوف على معرفة سبب الخلاف، والوصول إلى القول الراجح، ولسهولة الحصول على الأحكام في كتب هذه المذاهب، وقد أذكر قول الظاهرية وغيرهم.
٨ – رتبت الأقوال - في الغالب - ترتيبًا زمنيًا، بذكر المذهب الحنفي أولًا، ثم المالكي، ثم الشافعي، ثم الحنبلي، إلا إذا كان الأول في الترتيب الزمني، يخالف قول الجمهور، فأؤخره أو أقدمه، حسب ظروف المسألة، دون التقيد بالترتيب الزمني.
٩ – رجعت في ذكر الأقوال في المذاهب إلى مصادرها المعتمدة في المذهب، ولم أكتف بنقلها من كتب الخلاف، إلا إذا أتت المسألة ضمنيًا – وذكرتها في الهامش – فإنني أكتفي بنقل المسألة من كتب الخلاف، كالمغني، وبداية المجتهد، وغيرهما.
١٠ – حاولت أن أجد لكل مسألة أو قول دليلًا من الكتاب والسنة والإجماع، إن وجد، وإلا اكتفيت بذكر قاعدة أصولية يستند عليها ذلك القول أو المسألة.
١١ – حاولت أن أصل إلى الراجح من الأقوال المختلفة، ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، إلا إذا كانت المسألة اجتهادية بحتة، ولا تستند في خلافها على أدلة، فإني أتركها على خلافها، لكون المجال فيها متسع.
1 / 16
١٢ – ذكرت أرقام الآيات وأسماء السور التي وردت فيها في موضع ورودها في البحث، فإن كان الاستدلال بكامل الآية قلت: الآية كذا، وإن كان بجزء من آية قلت: من الآية كذا.
١٣ – رجعت في تفسير الآيات التي احتجت إلى تفسيرها إلى أقوال للمفسرين، كالقرطبي وابن كثير والشوكاني وغيرهم، لأنهم أولى بفهم الآية.
١٤ – وكذلك فعلت بالنسبة لشرح الأحاديث بالرجوع إلى كتب الشروح، كفتح الباري، وشرح النووي على صحيح مسلم، وغيرهما.
١٥ – خرجت الأحاديث الواردة في البحث، بعزوها إلى مظانها الأصلية، فإن كان الحديث في الصحيحين، أو أحدهما، اكتفيت بتخريجه منهما، أو من أحدهما، بذكر الجزء والصفحة ورقم الحديث والكتاب والباب، ونقلت أحاديث البخاري من كتاب فتح الباري، دون الرجوع إلى المتن المجرّد.
وإن كان في غيرهما، خرجته من مظانه، من كتب السنن والمسانيد والجوامع والمستدرك، وحاولت الوصول إلى الحكم على الحديث من حيث الصحة والحسن والضعف في كتب التخريج التي تعنى بهذا المجال.
١٦ – عزوت آثار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين إلى مظانها من كتب السنن والخلاف.
1 / 17
١٧ – شرحت الألفاظ الغريبة في الهامش.
١٨ – ترجمت لبعض الأعلام الواردة في الكتاب ممن لهم رأي في المسألة أو قول في تفسير آية، أو شرح حديث، دون التقيد بتراجم الرواة واللغويين والكتاب المعاصرين.
١٩_ ختمت البحث بذكر ملخص له، على هيئة مواد؛ ليسهل على القارئ غير المختص فهم الأحكام الواردة فيه، والاستفادة من مكنوناته، دون الحاجة إلى الغوص في أعماق الخلافات الفقهية.
وأخيرًا، أشكر الله ﷾ الذي وفقني ولإكمال هذا البحث، ولولا فضله لما تمكنت، فما كان فيه من صواب، فهو محض توفيق من الله تعالى، وما كان فيه من خطأ فمني، وأستغفر الله من ذلك.
اللهم ألهمني شكرك بالقول والعمل، وأسبغ عليّ عفوك ورضاك، وتجاوز عما وقعت فيه من خطأ وزلات، إنك أنت الغفور الرحيم.
كما أشكر كل من أسدى إليّ معروفًا، وأعانني على إتمام هذا البحث، إما ببذل كتاب، أو نصح، أو إعانة على جمع المادة، أو النسخ، أو التعديل، أو الدعاء لي بالتوفيق، أسأله جلت قدرته أن يجزيهم عني خير الجزاء.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن صحابته أجمعين، وعن
1 / 18
التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعن أئمة الإسلام والمسلمين، الذين حملوا هذا العلم إلينا مصونًا محفوظًا، واغفر لنا ولوالدينا، وارحمهما كما ربياني صغيرًا، وأدّباني كبيرًا، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
وكتبه الراجي عفو ربه: محمد يعقوب محمد يوسف الدهلوي
المدينة المنورة: ٢٥/١٢/١٤١٨هـ
1 / 19
المدخل في تعريف الضمانات في اللغة والاصطلاح
أولًا: تعريف الضمانات في اللغة.
ثانيًا: تعريف الضمانات في الاصطلاح.
1 / 22
أولا: تعريف الضمانات في اللغة:
الضمانات:١، جمع ضمان، والضمان: مأخوذ من ضمنت المال، ضمانا، وضمْنا: التزمت به، وأنا ضامن وضمين: كفيل، (وهو الجاعل الشيء في ضمانه) ٢، ويتعدى بالتضعيف، فيقال: ضمَّنته المال: ألزمته إياه.
ويأتي الضمان لمعان، منها: الالتزام، والاحتواء، والكفالة، والحفظ والرعاية، والصون.
وجاء الضمان بمعنى الالتزام والكفالة في الحديث الذي رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لا يُخْرِجُهُ إِلا جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَإِيمَانًا بِي وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا، وَلَكِنْ لا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلا يَجِدُونَ سَعَةً
_________
١ انظر: لسان العرب (١٧/١٢٦)، والمصباح المنير ص ٣٦٤.
٢ انظر: حلية الفقهاء ص ١٤٣.
1 / 23
وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ" ١.
كما جاء المعنى الآخر للضمان الذي هو: الحفظ والرعاية، والصون، في الحديث الذي رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ" ٢.
قال ابن الأثير ٣ في شرح هذا الحديث: "أراد بالضمان هاهنا الحفظ والرعاية، لا ضمان الغرامة؛ لأنه يحفظ على القوم صلاتهم"٤.
وأقرب المعاني اللغوية إلى المعنى المراد في هذا البحث، هو: الحفظ، والرعاية، والصون؛ لأن القصد هنا، معرفة الأحكام التي أقرتها الشريعة
_________
١ صحيح مسلم (٣/١٤٩٥-١٤٩٦) كتاب الإمارة - باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله.
٢ سنن الترمذي (١/٦١٣-٦١٤ - التحفة) .
٣ ابن الأثير: هو المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجَزَري، مجد الدين أبو السعادات، المعروف بابن الأثير، ولد سنة (٥٤٤هـ) بجزيرة ابن عمر - بلدة فوق الموصل - كان فقيهًا محدّثًا لغويًا أديبًا عالمًا بصنعة الحساب والإنشاء. له من المصنفات: "جامع الأصول من أحاديث الرسول" و" النهاية في غريب الحديث والأثر". توفي سنة (٦٠٦هـ) . انظر: طبقات الشافعية للسبكي ٥/١٥٣-١٥٤)، شذرات الذهب (٥/٢٢-٢٣) .
٤ النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/١٠٢) .
1 / 24
الإسلامية لحفظ وصون حقوق المرأة الزوجية، لا معرفة من يكفل تلك الحقوق.
ثانيا: تعريف الضمانات في الاصطلاح:
للضمان عند الفقهاء معنيان:
المعنى الأول: وهو المشهور لدى الفقهاء، وهو المعنى الأخص للضمان١ بمعنى: الكفالة، وهي: ضم ذمة إلى ذمة في حق المطالبة٢.
وفي طِلبة الطَلبة، الكفالة: الضمان،، والتكفيل: التضمين.
فالكفالة: ضم ذمة في التزام المطالبة بالدين٣.
هذا والمعنى الذي قصده الزركشي عند الكلام على الضمان، هو: الالتزام، بمعناه العام، فذكر أسباب الضمان الأربعة:
عقد، ويد، وإتلاف، وحيلولة٤.
والمعنى الثاني: وهو الأعم في الدلالة، بمعنى الحفظ، والصون الموجب تركه للغرم، كقولنا: ضمان الرهن، وضمان البيع٥.
_________
١ انظر: القاموس الفقهي: ص ٢٢٥.
٢ أنيس الفقهاء ص ٢٢٣.
٣ ص ٢٨٤.
٤ انظر للتفصيل: المنثور في القواعد (٢/ ٣٢٢) .
٥ القاموس الفقهي ص ٢٢٥.
1 / 25
فضمان البيع: أن المبيع يبقى في ضمان البائع، حتى يسلمه للمشتري، أو يخلي بينه وبين المبيع، بحيث لو تلف فهو من ضمانه، أي: خسارته، وتلفه عليه.
والضمانة: كل ما يضمن الحق من الضياع١.
فضمانات الحقوق: هي الأمور التي تؤدي إلى: حفظ وصون الحقوق، وإيصالها إلى أصحابها على الوجه المطلوب.
والمراد من ضمانات الحقوق في بحثنا هذا: الأحكام الشرعية التي شرعت لحفظ وصيانة حقوق المرأة الزوجية، وإيصالها إليها.
وهي أحكام بمثابة أوامر شرعية مساندة، لتتمكن بها المرأة من الحصول على حقوقها الزوجية، وينتفي بها وقوع الظلم عليها.
_________
١ معجم لغة الفقهاء، ص ٢٨٥.
1 / 26
الفصل الأول
الضمانات العامة لحقوق المراة الزوجية
أقرت الشريعة الإسلامية أحكاما، هي ضمانات لحقوق المرأة الزوجية، وتعد هذه الضمانات أحكاما مُلزمة من قِبل الشارع، وبمثابة حدود، يحرم تجاوزها، وذلك للمحافظة على حقوق المرأة الزوجية، ولدفع الظلم عنها إذا وقع، أو وُجد احتمال وقوعه، أو كان ثمة احتمال للتهاون في أدائها، سواء كان ذلك من أجنبي، أو من قِبل الزوج، أو من ولي أمرها، أو من قِبلها هي.
وقد أكدت الشريعة تلك الحدود بقوله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ١.
وسأذكر - بعون الله تعالى - في هذا الفصل الضمانات العامة التي وضعتها الشريعة لحقوق المرأة الزوجية عامة، دون النص على حقوق معينة، كثبوت الحقوق الزوجية للمرأة بأوامر شرعية، وعدم صحة التنازل عن بعضها، وعدم صحة التنازل عن الحقوق مع الإكراه والغرر، أو كونه قبل وجوبها، وإبطال عقود الأنكحة المشتملة على غرر للمرأة أو ضرر عليها، وإلغاء تصرفات الزوج المضرة مما كان سائدًا في الجاهلية، وإعطائها
_________
١ من الآية ٢٢٩ من سورة البقرة.
1 / 29
المجال في أن تشترط من الحقوق المادية والمعنوية فيما فيه مصلحتها، وبعث الحكمين للصلح بين الزوجين عند النزاع.
وفيما يلي هذه الضمانات والأوجه الواردة تحت كل ضمان إن وجدت.
1 / 30